• العنوان:
    المكبرون في سجون الأمن السياسي.. حكايات مؤلمة من زنازين الصمود الحلقة (12)
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    خاص| 03 مايو| منصور البكالي | المسيرة نت: ينقلنا المجاهد أحمد علي حسين العامري بكلماته إلى قلب الزنازين المظلمة في سجن الأمن السياسي بصنعاء وسجن صعدة، حيث قضى ثلاث سنوات مريرة، ذنبه الوحيد ترديد شعار الصرخة في وجه قوى الاستكبار، وبين ثنايا هذه الحكايات، تتجلى صلابة الإيمان وعمق القناعة بالمشروع القرآني الجهادي، في مواجهة محاولات القمع والتذويب، والتظليل وحرف المسار.
  • كلمات مفتاحية:

يا له من سفر عبر الذاكرة، يحمل بين طياته عبق البدايات المتواضعة ونور الانتصارات الباهرة؛ حكاية تلامس شغاف القلب، وتُبين كيف بزغت بذرة صغيرة لتصبح شجرة باسقة شامخة.

في تلك الأيام الخوالي، كانت النفوس مُثقلة بالهزيمة، والقلوب غافلة عن نور القرآن الكريم، كان الواقع كئيبًا، يلفه شعور بالانكسار والتراجع أمام جبروت الهيمنة الأمريكية المتوسعة، لم يكن الناس يستشعرون طريق الخلاص، ولا يدرون ما العمل لمواجهة هذا الطوفان الجارف.

لكن في غمرة هذا الظلام، أشرق نورٌ سطع من قلبٍ مُنير، قلب الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-، استغل تلك اللحظة الفارقة، تلك الحاجة المُلحة لمن يُرشدهم ويُبين لهم السبيل. أطلق صرخته المدوية في وجه من تساءلوا بحيرة: ماذا نقول؟ وماذا نفعل؟ كان المجتمع آنذاك بعيدًا عن هدايات القرآن، لا يثق بتوجيهاته الربانية، ولا يوليها الأهمية التي تستحق.

كان الشهيد القائد قرينًا للقرآن، عارفًا بقيمته وأهميته، هيأه الله واصطفاه، ومنحه الفهم العميق لكتابه، ليحمل لواء المسيرة القرآنية ويشد الناس إلى الله وإلى القرآن، على نهج الأنبياء والأولياء وآل البيت -عليهم السلام-. وعندما انطلقت تلك الصرخة المباركة، كانت بمثابة أول درس تربوي وتأهيلي للنفوس، تهيئ الإنسان لمواقف أعظم، وتُذكي نار السخط في قلوب الناس ضد الأعداء، بالكلمة أولًا، ثم بالمقاطعة، وهكذا بتدرج حكيم في المواقف.

 

تساؤلات كثيرة حامت حول جدوى هذا الشعار، وجدل واسع دار حول هذا الموقف. انطلق حينها المُرجفون والمنافقون، محاولين بث اليأس في النفوس، والإيحاء بأنه لا جدوى من أي تحرك. لكن نور هدى الله في القرآن الكريم، وتوجيهات الشهيد القائد، بددت تلك الغشاوة. عرفنا الله المعرفة الحقيقية، وعرفنا أعداءنا وأنفسنا والحياة بأسرها من خلال ذلك النور.

بعدها، دبّ في الناس حماسٌ وأملٌ بوجود مواقف مُجدية، وثقة بالله بأنه ناصرهم ومؤيدهم، انطلقوا في البداية في المناطق والمساجد القريبة، وكانت هناك مخاوف وقلق، وأحيانًا خصومات في المساجد وجدال، وصل الأمر إلى إغلاق بعض المساجد، واضطر المُكبرون للانعزال في مساجد أخرى أو حتى الصعود إلى الأسطح أحيانًا.

لكن الأمل ظل حيًا في قلوب المُكبرين، يرون في تلك الصرخة أقل القليل الذي يمكن فعله، وعندما وصلت الصرخة إلى الجامع الكبير في صنعاء، دوّت أرجاؤه بهذا الشعار المبارك، وشعروا برعاية الله تحفهم بشكل كبير وملموس. كان شعورًا عميقًا بأن الله معهم، يربط على قلوبهم ويثبتها. بدأت الصرخة الأولى والقلوب ترتجف، ولكن سرعان ما أنزل الله سكينته وثبّت النفوس، وأصبحوا يرون أنفسهم أقوى من أعدائهم.

 

 ويستذكر العامري في حديثه تلك اللحظة الفارقة، حين أعلن الشهيد القائد، أن ساحة المواجهة هي الجامع الكبير، وأن سلاحهم فيها هو ترديد شعار الصرخة.

وبقلوب متوكلة، انطلقوا بتعليمات الشهيد المجاهد زيد علي مصلح، متجاوزين محاولات الاعتقال المبكرة في شوارع صنعاء، يتذكر تلك التعليمات الدقيقة، "عندما يجي طيران لا تنظر إلى السماء، وعدم الالتفات يمين ويسار في المسجد، والانبهار، كل لا يعرف الواحد انه من صعدة، فكنا نموه وكأننا طبيعي".

ويصف اللحظات الأولى داخل الجامع الكبير، والترتيبات الدقيقة لترديد الصرخة بعد صلاة الجمعة، وكيف أن الله سكب السكينة في قلوبهم عند أول هتاف، "أول ما ينطق الواحد بكلمة الله أكبر يشعر ان الله ربط على قلبه".

لكن سرعان ما تحول المشهد إلى قمع وعنف، يروي العامري بأسى: "عندما مسكونا في الجامع الكبير، اخذو الجنبية، فرديت يدي لامسك بها فجرحت أصابعي الأربعة، وكانت الدماء تسيل، وما شعرت بشيء، رغم الضرب العنيف فوق رؤوسنا من قبل العسكر وبعض المواطنين، وكنت امسك بوجهي فيقع عليا الدم كثير من يدي، وكانوا يضربونا دكم في لحانا وكنت امسك والدم يسيل".

ورغم الألم والمعاناة، يصف شعورًا عميقًا بالراحة والطمأنينة بعد ترديد الصرخة، "بعد الصرخة شعرنا بارتياح وطمأنينة كبيرة جداً، ادينا واجبنا، كان الشعور بشكل عجيب، رغم الضرب والمعاناة، شيء غريب، تدخل السجن وانت مهموم وضايق، لكن من أجل الصرخة العكس تماماً، دخلنا السجن واحسينا بارتياح نفسي وراحة بال عجيبة جداً لم أستطع وصف ذك الوضع، فرح وسعادة، وسرور مع بعضنا بعض ونحن داخل سجن".

 ويستعرض العامري تفاصيل الحياة القاسية داخل الزنازين الضيقة، حيث تقاسم أربعون شخصًا مساحة بالكاد تكفي لاثنين، والجوع الذي لازمهم لشهور طويلة، "كنا 40 فرد في عنبر صغير، والسفنج لشخصين زحمة بشكل كبير، الأكل في البداية، كانوا يقربوا لنا صحن صغير فاصوليا، وقليل رز، ربع وجبة في اليوم، كنا جائعين، ونشعر المعدة فارغة لمدة 6 أشهر، ليل ونهار 24 ساعة جوع ما انقطع".

ويتذكر كيف تحولت معاناتهم إلى تكاتف وإيثار، حتى في أبسط الأشياء: "واتذكر كان يوزعوا لكل واحد منا في البداية 4 حبات كدم أي قطع خبز جاف، وكنت أخر حبه لليل، وعندما أخرجها يشموا الذي في العنبر رائحتها ويجي إلى عنده، فكنت أنفقها بالجرام لكل واحد، من منطلق الايثار، وكنت اشعر أن لها قيمة عظيمة في نفوسنا، أفضل مما اتبرع بالمال والفلوس وانا خارج".

ويصف كيف كان الجوع شديدًا لدرجة أنهم كان الواحد منهم يتفاجأ عندما يلمس فتات الإسفنج المتآكل على الأرض ظنًا منه أنه بقايا خبز.

بعد أسبوع من الاعتقال، بدأت التحقيقات، التي تركزت على الدافع وراء ترديد الصرخة والدعم الذي يتلقونه، يوضح العامري بثبات: "قلنا لهم الاحداث التي نراها في الواقع، إضافةً أن القرآن الكريم حثنا على العمل الجهادي وترديد الشعار ضد أعداء الله".

ويشير إلى أن محاولات المحققين لتشويه صورتهم وعزلهم عن المجتمع، واتهامهم بالعقوق، لكنهم ظلوا صامدين في قناعتهم، "قلنا لا.. أنتم أخوتنا ولا بيننا وأبينكم أي شيء".

ويتذكر النقاش مع أحد السجانين حول الأحداث في العراق وأفغانستان وفلسطين، وكيف أجابهم: "نحن أمه واحده كتابنا واحد ومنهجنا وقبلتنا واحدة ودمنا واحد وهذه مسؤوليه علينا يوم نلقى الله".

ويؤكد أن محاولات المحققين المستمرة لعزلهم عن فكر الشهيد القائد وتشويهه، لكنهم ظلوا متمسكين بشعارهم، "قلت الشعار لا يمكن التنازل عن".

ويصف كيف كان العساكر يعودون للتحقيق معهم بعد كل ترديد للصرخة، لكنهم كانوا يجيبونهم بتحدٍ: "احتبسنا من أجل الشعار، وإذا عندكم سجن دخل السجن اسجنونا!".

ويشير إلى استغراب المحققين من وحدة منطقهم: "قال المحقق تعبئة واحدة، كل المساجين حق الصرخة منطقهم واحد، قلنا الحمد لله هذا منطق القرآن، منطق الدين".

 ثم تأتي مرحلة الحوارات الموسعة مع علماء ومسؤولين من مختلف الكيانات السياسية، لكنهم لم يجدوا في كلامهم ما يغير قناعاتهم الراسخة: "في تلك الحوارات لم نكن نسمع أي كلام مجدي من أولئك العلماء، لأننا كنا نسمع من سيدي حسين كلام أرقى بكثير من كل ذاك الطرح الذي يقدموه لنا".

ويوضح كيف أن الطرح المقدم من العلماء والمسؤولين كان سطحيًا وبنفس مستوى كلام العامة، ما زاد من إيمانهم بقيمة وأهمية أعلام الهداية وشعار الصرخة.

ويتذكر محاولة وزير الأوقاف والإرشاد آنذاك "الهتار"، تقديم فكر الشهيد القائد بطريقة مشوهة، لكنهم كانوا واعين بمغزى كلامه الحقيقي، مؤكدًا على القوة والصلابة والإرادة العجيبة التي كانت تسود بينهم داخل السجن، وكيف كانوا يشعرون بوحدة الروح والمنطق؟!

 

واصفًا لنا كيف لم يكترث المكبرون بوعود زيارة علي عبد الله صالح لهم، أو كلام عبد الله حسين بن الأحمر الذي حاول التقليل من شأن الصرخة في وجوههم، فيما هم أطلقوها في وجهه.

ويشير إلى كل المقترحات التي قدمت لهم في استبيان حول ما يمكن تقديمه لهم من مقرئين وكتب وأفلام، لكنهم طلبوا أشياء كانوا يعلمون أنهم لن يقدموها لهم، وهو ما حدث بالفعل.

 وينتقل العامري إلى جانب التضامن العجيب بين سجناء الصرخة في مختلف العنابر، وكيف اتفقوا على الهتاف بالشعار والتضامن مع أي سجين يتعرض لمشكلة أو اعتداء، راويًا قصة مؤثرة عن تضامنهم مع سجين مريض رفض العسكر إخراجه للعلاج، وكيف أدى هتافهم المشترك إلى استجابة سريعة من قبل إدارة السجن.

وأشار في حديثه إلى أن أكثر ما كان يغيظ السجانين، وهو إجابتهم الموحدة عند سؤالهم عن هوية من سجنهم: "بصوتٍ واحد.. أمريكا وإسرائيل"، مؤكدين أنهم لا يكنون أي عداوة للسجانين أنفسهم.

واليوم بعد أكثر من عقدين على خروجه من السجن وعمله الجهادي المتواصل؛ يستذكر تلك المجموعة البسيطة في الجامع الكبير، وكيف أصبحت مليونية تهز الساحات، وما هذا إلا نتيجة أملهم بالله سبحانه وتعالى، من خلال الهدى الذي طرحه الشهيد القائد من القرآن الكريم، وإيمانهم بأن هذا الموقف سينجح، وأن هذه الصرخة ستنتصر وتتسع في كل مكان. إنها ثمرة الدفعة الإيمانية التي منحهم إياها الشهيد القائد، وعززت في نفوسهم الثقة بالله.

لقد آمنوا بأن موقفهم صحيح وسيتسع وسينتصر وسيبقى، وأن كل من يواجههُ سينهزم، فعندما مرت الأحداث وجاءت المتغيرات ومر الزمن، شاهدوا الأمور بشكلٍ عجيب، وكأن هناك قوى إلهية غيبية تساند هذا التحرك المبارك، انطلق الشعار وتوسع بمعجزة، وكأن الله سبحانه وتعالى لا يضيع إيمان أوليائه، ولا يضيع عمل عامل، فأي مؤمن يتحرك بطريقة صحيحة، لا يضيع الله إيمانه أبدًا.

وعن أهمية الشعار في هذه المرحلة، يقول العامري، وهو اليوم حر طليق منتصر بشعرٍ أبيض وصحةٍ جيدة، عوضته عن سنوات من الحرمان والجوع: إن "الشعار يزرع السخط ويوسعه في النفوس، حتى يتهيأون لمواقف أكبر، كالجهاد في سبيل الله ومقاطعة بضائع الأعداء اقتصاديًا، فالعدو يهمه الاقتصاد بشكلٍ كبير، ويتحاشى إثارة أي سخط في نفوس الأمة.

إن الأعداء اليوم يدفعون بأي عميل وأي سلطة لتتلقى هي الجفاء من الشعوب، فعندما ينتشر الشعار والمقاطعة في نفوس الناس، فهذا يؤثر على الأعداء، ويضرب خططهم وكل مؤامراتهم وكل ما يريدون تنفيذه في الساحة، وبات العائق أمامهم؛ السخط والعداوة لأمريكا وإسرائيل.

ويضيف أنهُ "قبل هذا الشعار، كانت الحكمة السائدة في أوساط الأمة هي السكوت والتراجع، وألا نتحرك بشيء يكلف علينا. ولكن من خلال القرآن الكريم فهمنا أن الحكمة تتمثل في الموقف الشجاع، وهي الشدة والقوة في مواجهة أعداء الله، وهي المباينة مع الظالمين والطواغيت، وهذا ما نلمسه اليوم".

 ويتابع العامري بالقول: "يجب أن تكون الأمة بمستوى هذا الوعي، وأن تقطع علاقتها بالطواغيت مهما كلف الأمر، لأن الله هو من سيتولاها في المقابل، ومن سيرعاها، ومن سيؤيدها. لكن إذا كان هناك ميل إلى الظالمين، فهذا لن يتحقق"، مؤكدًا أنه "يجب إعلان البراءة لنهتدي بالقرآن الكريم، ويصح إيماننا، وفق قوله تعالى: ( فَـْٔمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَيُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )، فلا بد أن تعلن براءتك من أعداء الله، وإلا فأنت لا تهتدي بالقرآن الكريم ولا يصح إيمانك، فالإيمان بالله يسبقه شرط الكفر بالطاغوت، وهذا ما تحتاجه الأمة لتكون بمستوى إيماني عالٍ، وأن تقطع علاقتها بالظالمين".

ويسترسل بحسرة: "لكن بالعكس، الكثير من شعوب الأمة اليوم مرتهنة للظالمين في بعض الأشياء، وهي تسير كما قال الله: (وَإِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ * سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ)".

ويوضح أن من الأهمية بمكان "أن تكون الأمة مرتبطة بالله ومؤمنة بالله ومتوكلة على الله، تجعل لها رعبًا في قلوب الأعداء، لا تهيئ نفسها لأن يكون الأعداء هم من ينفذون إلى ساحتها بكل مكرهم وكيدهم ومؤامراتهم. لا، بل تقطع علاقتها بالظالمين، يكون الله معها، هو من يؤيد، هو من ينصر، هو على كل شيء قدير، هو ملك هذا الكون".

 ويصف شعورهم اليوم، "أن الإنسان عندما يرى أن الله أكبر فعلًا، بداية الصرخة: الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام، ولأن هنا مشروع استكبار عالمي، والصرخة وانطلاقتها تبدأ بالتكبير لله، بأن يكون الله أكبر بهديه ودينه وقوته وملكه ومنهجه وقوانينه ودستوره الإلهي القرآن الكريم، هو أكبر في كل المجالات. لا تعني كلمة الله أكبر بأنها مجرد عبارة جافة لا دلالة لها ولا معنى حقيقي يثبتها في الواقع؛ بل هي كلمة شمولية بكل معانيها ودلالاتها الواسعة".

ويؤكد على حاجة الأمة إلى "الصحوة داخل النفوس، لتلمس رعاية الله، وهذا من صدق وعد الله بالنصر والتمكين، بأن تكون كلمة الله هي العليا. رأينا الواقع اليوم يتوجب بأن يكون هناك التفاتة، هذه ما هي انطلاقة حزبية أو فئوية أو طائفية أو مذهبية، لا؛ هذا موقف قرآني: الله أكبر، الموت للأعداء أمريكا وإسرائيل.. كلها لها أسس في القرآن الكريم، في هدى الله".

ويستشهد بقدرة الله المطلقة، مؤكدًا أن "الله هو خالقنا ومن سيميتنا وكل شيء بيده، لم ولن يتخلى عن هذا الكون والتدبير، لكن الناس عندما غابت الذهنية، وكأن الله ليس له وجود في مشاعرهم وفي نفوسهم، انطلقوا انطلاقة قاصرة.

ولفت إلى أن "الأعداء بدو ضعافًا فعلًًا أمام الله أكبر. رأيناهم ضعافًا في الميدان، ذلك الشبح الكبير الذي كان يعشعش في نفوس الناس هو نتيجة أزمة ثقة بالله، وعدم معرفة الله، وعدم إيمان بالله بقدرته وقوته، لكن اليوم تكشفت هذه الأشياء، فأصبح الله أكبر يقينًا"، مستدلًا وقد تجلت الحقائق، "رأينا فعلًا كم هم ضعاف، وأنه لا يضركم كيدهم شيئًا، لكن بشرط الاستقامة والاتجاه الصحيح والإيمان بمعنى الكلمة، والبناء للناس في أن يبني الناس أنفسهم وواقعهم: (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)".

وختم العامري أن مسألة النصر "محسومة بالنسبة لله وبالنسبة للتأييد الإلهي، بالنسبة لهزيمة العدو محسومة، لكن المشكلة عندكم أنتم، عليكم أنفسكم إصلاحها وبنائها، اهتدوا بالشكل الصحيح. إذا كنا بالشكل المطلوب، ووثقنا بالله بالشكل الصحيح، فإن قضية العدو كلها والأشياء محسومة، فإن الله سيؤيد أولياءه، وهو من قال: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ)".

 هكذا، تتجلى لنا قصة صمود وإيمان، بدأت بصرخة في عدد محدود من الجوامع في صعدة وصنعاء، لتنطلق مدوية في الآفاق، وفي أكثر دول العالم، حاملة معها بشائر النصر والتمكين، شاهدة على أن الأمل بالله والثقة بهديه هما أقوى سلاح في وجه الطغاة والمستكبرين.

إنها بحق حكايات تروي واحدة من معجزات القرن، وتكشف عن المعاناة التي تحملها هؤلاء المجاهدون الأوائل دفاعًا عن قناعاتهم ومبادئهم، تاركين لنا إرثًا من التضحية والتكاتف في وجه الظلم والاستكبار.

 

قوائم التشغيل
خطابات القائد