• العنوان:
    رسائل الأسرى الصهاينة في غزة.. "القسّام" تهُــزُّ بنية المجتمع الصهيوني
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    خاص| 12 إبريل| عبدالقوي السباعي| المسيرة نت: حينما تتحوَّلُ صورةُ أسير إلى زلزال سياسي وأمني يهدّدُ كَيْانَ الاحتلال الصهيوني، يتأكّـدُ لنا أنهُ بعد عامٍ وتسعة أشهر من حربٍ طاحنة، لا تزال المقاومة الفلسطينية، تُثبِتُ قدرتَها على خوض معركة الإرادات.
  • التصنيفات:
    عربي دولي
  • كلمات مفتاحية:

في هذه المعركة التي تدورُ ليس فقط فوق الأرض، بل من أعماقها؛ ومن باطن الأنفاق، حَيثُ يتواجد عشراتُ الجنود الصهاينة الأسرى، تُصاغ حربٌ نفسية عابرة للجدران، تضرب في عمق الكيان، وتعيد تشكيلَ المزاجِ الشعبي والسياسي الإسرائيلي، في صورة أزمة تتسعُ كلما خفتت أصواتُ صافرات الإنذار.

أحدثُ حلقات هذه الحرب غير التقليدية جاءت عبر الشريط المصوَّر الجديد للجندي الأسير "عيدان ألكسندر"، والذي نقل رسالةً محمَّلةً باليأس والاتّهام والغضب، هذه الرسالة التي بثتها كتائبُ القسام، ليست فقط "إشارة حياة" كما عنونت "يديعوت أحرونوت"، بل هي إشارةُ موت للبنية النفسية والسياسية التي قام عليها كيان الاحتلال.

"أنا كُـلَّ يوم أرى أن نتنياهو يسيطرُ على الدولة مثل الديكتاتور"

بهذه العبارة، قدّم الأسيرُ الذي يحملُ الجنسية الأمريكية الصهيوني "عيدان ألكسندر"؛ مفتاحَ الرسالة التي لا تستهدف فقط ذوي الأسرى، بل الشارع الإسرائيلي كله، وجنرالات الجيش، وواشنطن من خلفهم.

فبدا حديثُه امتدادًا لصوت ملايين المستوطنين الصهاينة الذين نزلوا إلى الشوارع ضد حكومة مجرم الحرب "نتنياهو"، وضد "صفقة الهروب" من أزماتهم الداخلية.

لقد جعلته حماس متحدِّثًا باسم "اليأس الإسرائيلي"، وجعلت من مشاعره المرهَقة في الأسر، مرايا تعكسُ اهتزازَ الثقة في القيادة الإسرائيلية المتطرفة الساقطة في وحلِ الإجرام والإرهاب، والقيادة الأمريكية المتساوِقة معها.

ويقول "عيدان" مخاطبًا ترامب: "لماذا وقعت ضحيةً لأكاذيب نتنياهو؟"، وكأنه يُحرِجُ الإدارةَ الأمريكية في وقتٍ تجتاحُ فيه للتهدئة نتيجةَ الكثير من الضغوط، ويضعُ واشنطن أمام استحقاق أخلاقي لا يمكن تجاهله: "هل ستسمحون بتركِ مواطن أمريكي لمصيره؟".

رسائلُ من تحت الأرض تزيد صدوع الاحتلال:

اليوم، وبحسب مراقبين، فإن حماس لا تحتاج إلى صواريخ؛ كي تقصف "تل أبيب"؛ فكل مقطع فيديو لأسير، وكل كلمة محملة بالألم، تصيب النخبة الحاكمة في الكيان الإسرائيلي وفي خاصرته الرخوة.

والمتمثل في الانقسام الداخلي، وسقوط الهيبة العسكرية، وفقدان السيطرة على الرأي العام، فـ"عيدان ألكسندر"، ومن قبله أسرى آخرون، باتوا "قنابل معنوية" تفجر الشك في الرواية الرسمية، وتُربك المؤسّسة الأمنية وتزيد من عزلة "نتنياهو".

ولعل تزامن نشر المقطع الجديد مع ما يسمى "عيد الفصح اليهودي" لم يكن عبثيًا، كتائب القسام اختارت توقيتًا يعمِّقُ الجرح، حيثُ إن العيدَ يُفترَضُ أن يكون "عيد حرية"، لكن حضور الأسرى الغائبين يحوِّلُه إلى "عيد خيانة" في نظر عائلاتهم، الذين عبّروا صراحة بأن "لا حرية بدون أبنائهم"، وخرجوا إلى الشوارع.

الضغط يتصاعد.. هل تنهار منظومةُ الردع الإسرائيلية؟

ومنذ انطلاقِ معركة طوفان الأقصى البطولية، وجيش الاحتلال الإسرائيلي يخوضُ معركةً طويلة الأمد، غير أن نتائجَه في الميدان كانت كارثيةً، مئاتُ الآلاف من الشهداء المدنيين في غزة، ودمار شامل، وانهيارُ صورة "الجيش الذي لا يُقهَرُ"، لكن في المقابل لم يُحرِّرْ أسيرًا واحدًا، ولم يستعد رهبةَ الردع الذي كان يتبجحُ بها.

الضغوط تتزايد على قيادة الكيان المتطرفة، ليس فقط من عائلات الأسرى، بل من داخل منظومة الجيش ذاته، ومن النخب السياسية المعارضة، وداخل المجتمع الذي بات يعاني من الانقسام والتآكل القيمي.

ورغم محاولات "نتنياهو" تصويرَ المفاوضات كأدَاة ضعف، إلا أن الواقعَ الميداني والنفسي يفرِضُ عليه العودةَ إليها كخيارٍ وحيدٍ؛ فكل يوم تأخير يُترجَمُ إلى غضب، وإلى مأزِقٍ سياسي يُضعِفُ تحالُفَه الحاكم.

رسالة "عيدان ألكسندر" لم تكن مُجَـرّد مناشدة شخصية، بل تحولت إلى صرخة كُـلّ المستوطنين الذين يعتقدون أنهم ليسوا في مأمن من الأحداث؛ هي رسالة وعنوان أزمة، وصدى لانهيار صورة "الدولة التي لا تترك جنودَها خلفها".

ويرى مراقبون أن حماس تُديرُ هذه الحرب النفسية بذكاء استراتيجي نادر، وتُثبِتُ أن المقاومةَ ليست فقط بندقية، بل قدرةٌ على صَوْغِ معادلات التأثير، وتفجير التناقضات، وتحويل صمت الأسرى إلى جبهة حربٍ كاملة.

وبينما يواصل الكيان الإجرام عنفه ضد غزة، يبدو أن أعنف الضربات التي تلقاها كانت من داخل أماكن الاحتجاز، ومن وجوه الأسرى الذين يخاطبون أبناء جلدتهم، ويكشفون هشاشة كيانهم، وسط صمتٍ دولي وعجزٍ داخلي يزداد انكشافًا.

 

قوائم التشغيل
خطابات القائد