-
العنوان:13 فبراير خلال 9 أعوام.. 71 شهيداً وجريحاً في جرائم العدوان السعودي الأمريكي على المدنيين والأعيان المدنية
-
المدة:00:00:00
-
الوصف:تعمد العدوانُ السعوديّ الأمريكي، يوم الثالث عشر من فبراير خلال الأعوام: 2016 م، و2017م، و2018م، و2019م، ارتكابَ جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، المضافة إلى سجل جرائمه ضد الإنسانية، في اليمن، بغاراتِه الوحشية، وقنابله العنقودية، المستهدفة للمدنيين في الأسواق والمنازل، والطرقات، والمنشآت الخدمية، وقوارب الصيد، بمحافظات صعدة، وصنعاء، والحديدة، وحجة.
-
التصنيفات:محلي تقارير وأخبار خاصة العدوان السعودي الأمريكي
-
كلمات مفتاحية:
أسفرت عن 32 شهيداً، و39 جريحاً، بينهم أطفال ونساء، وتشريد عشرات الأسر، من منازلها، وقطع مصادر عيشها، وتدمير واسع للممتلكات والمحلات التجارية، ومضاعفة المعاناة، ومشاهد وحشية تهز جبين العالم، وانتهاكات صارخة للقوانين والمواثيق الإنسانية والحقوقية.
وفيما يلي أبرز التفاصيل:
13 فبراير 2016..30 شهيداً وجريحاً في جريمة حرب وإبادة جماعية لغارات سعودية أمريكية على أسواقاً حيوية في مديرية نهم بصنعاء:
في يوم 13 فبراير/شباط 2016م، أضاف العدوان السعودي الأمريكي، جريمتي حرب ، وإبادة جماعية ، إلى سجل جرائمه المتواصلة منذ 9 أعوام على المدنيين والأعيان المدنية في اليمن، مستهدفاً بغاراته الوحشية المباشرة ، هذه المرة، سوقين شعبيين ، في مديرية نهم محافظة صنعاء، ما أسفر عن استشهاد وجرح 30 مدني، ودمار واسع وخسائر باهضه في الممتلكات ، وترويع الأهالي ، ومضاعفة المعاناة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر استهداف المناطق المأهولة بالسكان، والتجمعات المدنية.
14 شهيداً و16 جريحا بغارات العدوان على سوق بني زتر
فيما كان الأهالي يتسوقون، ويتفاوضون في أسعار الخضار والفواكه، والاحتياجات الغذائية والدوائية، ورش الحدادة والنجارة، كان طيران العدوان يرصد حياتهم عن كثب، ويراقب تجمعهم، وفي لحظة الذروة، والكل منهمك في قضاء حاجياته اليومية القاء غارته الغادرة على رؤوسهم ومحلاتهم وبساطتهم المكشوفة وعربياتهم المتواضعة، محولاً حياتهم إلى جحيم، والسوق إلى مقبرة جماعية، لم يكن هذا السوق مجرد مكان للتجارة، بل كان شريان حياة لأهالي المنطقة، وملتقى للأسر والعائلات.
تطايرت الأشلاء وتناثرت الدماء، وارتفعت صرخات الاستغاثة من كل جانب، الأطفال وإبائهم والشيوخ، سقطوا جميعاً ضحايا لهذا القصف الهمجي، هنا 14 شهيداً من أسر متعددة، و16 جريحاً، كلاً يطلب النجاة، ويأمل أنه في كابوس وليس في واقع معاش.
لم تقتصر جراح هذا اليوم على من فقدوا حياتهم، بل امتدت لتشمل كل من بقي على قيد الحياة، فقد الكثيرون أفراداً من عائلاتهم، وأصيب آخرون بجروح خطيرة وإعاقات دائمة.
في كل بيت من بيوت نهم، أقيمت اجتماعات العزاء، والنكف القبلي، والنفير العام، وتعالت أصوات البكاء والعويل، الأطفال فقدوا آباءهم، والنساء فقدن أزواجهن، والشيوخ فقدوا أحفادهم، خرجت مواكب التشييع تحمل جثث الشهداء، وسط حزن عميق وغضب شديد، المشيعون رددوا هتافات تدعو إلى وقف العدوان، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم البشعة، ومتوعدين السعودية ومن خلفها بالرد في الجبهات، مؤكدين جهوزيتهم العالية لتحرك صوب ميادين الجهاد المقدس ومعسكرات التدريب.
تدمير سوق مسورة ومحو معالم الحياة
بالتزامن مع الجريمة الأولى لم تكتفِ طائرات العدوان بمجزرة بني زتر، بل تواصلت جرائمها باستهداف سوق "مسورة" الشعبي في نفس اليوم، حيث دمرت الغارات كامل منشآت السوق، بما فيها الأكشاك والبضائع والأمتعة الشخصية للبائعين، ولم تُسجل إصابات بشرية هنا بسبب إخلاء المنطقة جزئياً بعد الهجوم الأول، لكن الدمار المادي طال مصادر رزق العشرات من الأسر التي تعتمد على السوق في تأمين قوت يومها، وأشارت منظمات إغاثة إلى أن تدمير الأسواق الشعبية يفاقم معاناة السكان الذين يعيشون تحت وطأة الحصار، ويُصعّد من أزمة الغذاء والدواء في المنطقة.
تؤكد هذه الجرائم المتكررة أن استهداف المناطق المدنية من قبل تحالف العدوان ليس "خطأً عارضاً"، بل سياسة ممنهجة لتركيع الشعب اليمني عبر تجويده وإرهابه، وتستدعي هذه الجرائم تنبيهاً عاجلاً للمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للتحقيق في انتهاكات التحالف، ومحاسبة المسؤولين عنها، والضغط لوقف العدوان ورفع الحصار ، وإعادة أعمار اليمن، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.
13 فبراير 2017..6 شهداء وجرحى بغارات العدوان السعودي الأمريكي على منشأة المواصلات بميناء الحديدة:
وفي اليوم ذاته من العام 2017م، سجل العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب جديدة إلى سجل جرائمه بحق الشعب اليمني، مستهدفاً هذه المرة منشأة المواصلات، المحاذية لميناء الحديدة في مديرية الميناء، بغارته الجوية المباشرة، التي أسفرت عن شهيدان و4 جرحى، ودمار في المينى، وأثار وتداعيات واسعة، وتوريع الأهالي في المنازل المجاورة.
تحوّل صباح اليوم العادي في مديرية الميناء إلى كابوس مأساوي، بعد أن اخترقت صوت الغارات هدوء السماء، منشأة المواصلات المحاذية لميناء الحديدة، التي تُعدّ شريان حياة لأهالي المحافظة الساحلية الفقيرة، تركت خلفها مشهدًا أشبه بجحيم مفتوح: نيران تلتهم الحديد، ودخان أسود يُغَطّي وجه الشمس، وصمتٌ ثقيل يقطعه صراخ أطفال ونداءات استغاثة.
لم تكن منشأة المواصلات القريبة من الميناء مجرد رصيفٍ لتفريغ البضائع، بل كانت آخر أملٍ لآلاف الأسر التي تنتظر شحنة طحينٍ لإطعام أطفالها، ولم تكن المنشأة مجرد مبانٍ إسمنتية، بل نقطة وصول لقوافل الغذاء والدواء إلى آلاف العائلات التي تعيش تحت خط الفقر، اليوم، تحوّلت إلى مقبرة جماعية لم يُنقذ منها سوى 4 جرحى، بينهم امرأة حامل، نُقلوا إلى مستشفى ميداني مكتظّ بالضحايا، بينما بقي جثمانا الشهيدين تحت الركام، في انتظار جهود الإنقاذ التي تأخرت ساعات.
"لا نستطيع تمييز الجثث.. الغارات مزّقت كل شيء"، يقول أحد المتطوعين بصوت مرتعش، بينما تندفع سيدة عجوز نحو الحطام، تصرخ باسم ابنها الذي كان يعمل سائقًا في المنشأة، في الزاوية، تقبع حقيبة مدرسية ملطخة بالدماء، تكشف عن دفترٍ تلاميذي مفتوح على صفحة رسوم أطفال بعنوان: "مدينتي الجميلة".
"كان أبي يعد فطورنا.. ثم سمعنا صوت الغارة الكبيرة".. بهذه الكلمات يروي أحد الأطفال الذي فقد والدته في الغارة، قصته بدمائه ما تزال تجف على جبينه، بينما يحاول جاره الستيني، أن يُخرج جثة صديقه من تحت الأنقاض بعصا متكسرة، قائلًا: "ميناء الحديدة كان ينقل لنا الأمل.. واليوم ينقل الموت، بات البقاء في هذه المنطقة محفوف بالخطر".
هكذا تُختزل الحديدة مرة أخرى: مدينةٌ تشرب من بحر الآلام، وتدفن أبناءها بين الرمال والأمواج، بفعل حرب عدوانية لا تعرف أخلاقًا"، ومجرمي حرب يسرقون أحلام الإنسانية والطفولة في اليمن.
13 فبراير 2017..7 شهداء وجرحى على متن سيارة حولتها غارات العدوان إلى تابوت بصعدة:
وفي الثالث عشر من فبراير 2017م، لم تكن سيارة "المواطن عبد الله قاسم" سوى عربة صدئة تنقل أكياس القمح من السوق إلى قريته النائية في منطقة الدمنة بمديرية باقم. لكن في صباح اليوم المشؤوم، قررت طائرة "العدوان السعودي الأمريكي" أن تحوّلها إلى كرة لهب، يقول أحد الناجين، الذي كان يجلس في المقعد الخلفي: "شعرتُ كأن السماء سقطت فوق رؤوسنا.. رأيتُ جسد أبي يحترق ويتفحم أمامي".
الغارة لم تقتل ثلاثة أشخاص فحسب، بل مزّق عائلاتٍ بأكملها، أم أحمد التي فقدت ابنها وزوجته في الغارة، تجلس أمام الباب المهشم لخيمة النزوح ، تحمل بين يديها حذاءً صغيرًا لطفلتها التي توفيت قبل عامٍ بسبب غارة علي منزلهم : "الموت يلاحقنا حتى في الهواء.. لا نعرف كيف نهرب".
تحوّلت السيارة إلى هيكل محترق، تتدلى منه أشلاء ملابس الضحايا، بينما علقت أشلاء من جسد السائق على شجرة مجاورة، كما لو أنها تُحذّر المارة من مصير مشابه، "حاولنا إخراج الجثث بأيدينا.. لكن النيران كانت تلتهم كل شيء"، يقول أحد سكان القرية، بينما يُشير إلى بقايا حقيبة مدرسية ملطخة بالدماء، كان أحد الأطفال يحملها قبل ساعات.
أربعة جرحى نُقلوا على ظهور الحمير إلى مستوصفٍ يبعد ساعتين، حيث لا يوجد سوى "مسكّنات" وضمادات غير فعالة "أخي مات في الطريق.. نزف حتى الجفاف"، يقول أحد الجرحى، الذي فقد قدمه في الجريمة، بينما يتلق جرحي أخر اعلاج والجارحة دون مخدر موضعي بالغرفة المجاورة.
الغارة لم تُزهق الأرواح فقط، بل قتلت آخر أملٍ لأهالي المنطقة، طريق "باقم – الدمنة"، الذي كان شريانًا لتوصيل الغذاء، أُغلق بسبب كثافة الغارات والقصف المتواصل ليل نهار لك مقومات ومظاهر الحياة، فيما تحوّل سوق القرية إلى ساحةٍ للرعب، والحرب من طرف واحد "كنا ننتظر شحنة القمح هذه منذ أشهر.. والآن لن يأتي شيء"، يقول شيخ القرية، وهو يمسح الدم من على يديه بقطعة قماش من ملابس الشهداء.
العائلات التي فقدت معيليها تُحاول أن تعيش على "خبز الحُزن": طحين مخلوط بقطع من الأعشاب البرية، وأطفال كبروا اليوم ولم يعرفون أباءهم عن قرب ، وتبقى أسائلة كثيرة في ذاكرتهم تبحث عن إجابات كيف فقدوهم ، ولماذا تم استهدافهم؟ ومن هو القاتل ؟ وما هو السبب؟ ومن سيأخذ بثأرهم؟ والقصاص لهم؟.
تحت أشجار القرية المُثْقَلة بعلامات القذائف، يجلس أطفالٌ يُقلّدون صوت الطائرات بقطع معدنية، بينما تندب جدّتهم: "حتى ألعابهم صارت تشبه الموت". في أحد المنازل المهجورة، تُخبئ طفلة يتيمة (9 سنوات) خبزها الجاف تحت وسادتها، خوفًا من أن تسرقها الفئران، مثلما سرقت الحرب أباها.
الجرحى الأربعة الذين نجاوا يعانون من حروقٍ تنهش أجسادهم، لكن الألم الأكبر هو سماعهم لصوت طائرة تشبه تلك التي دمّرت حياتهم، "الليل هنا لا ينتهي.. كل ظلامٍ يذكرني بالدخان الأسود"، يقول أحدهم، بينما يُغطي وجهه ببطانية ممزقة.
"لماذا نُستهدف؟ نحن لسنا وحوش، بل نحن بشرٍ نبحث عن رغيف"، يكررها أحد اليتامى الناجين وكأنه يطلب إجابة من السماء، في القرية، لم يتبق سوى رائحة الموت العالقة في الهواء، وهمسات الأهالي الذين يخشون أن يكونوا غدًا ضحايا الحصار والجوع وانعدام المساعدات، أو الغارة التالية، الحرب العدوانية هنا لا تحتاج إلى تقويم.. فكل أيامها الثالث عشر من فبراير.
13 فبراير 2017.. استشهاد طفل إثر انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات العدوان السعودي الأمريكي في مديرية بني مطر صنعاء:
وفي اليوم والعام ذاته في محافظة صنعاء، سجل العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب جديدة، أثر انفجار قنبلة عنقودية من مخلفاته في منطقة الخضراء مديرية بني مطر، بطفل كان يحسبها لعبة، يمكن لها اللهو بها، فكانت لعبة الموت الأخيرة التي لا ترحم.
اللعبة القاتلة: بين الحجارة قنبلة عنقودية لامعة
في قرية "الخضراء" بمديرية بني مطر، حيث تُزيّن سفوح الجبال باللون الأخضر بعد موسم الأمطار، كان الطفل ياسر، ذو الـ (6 أعوام) يلعب مع أقرانه بقطع معدنية لامعة وجدها قرب منزله، لم يعرف أنها "هدية الموت" التي خلّفها طيران العدوان السعودي الأمريكي: قنبلة عنقودية لم تنفجر أثناء الغارات السابقة، انشغل ياسر بمحاولة فكّ اللغز المعدني، بينما كانت أمه تعدّ القهوة في الداخل، تقول الأم بصوت مكسور: "سمعتُ صوت انفجار صغير.. خرجت لأجد جسده الصغير مُلقي على الأرض ودمائه المسفوكة تجري بغزارة.
انفجار القنبلة العنقودية مزّق جسد ياسر، وترك ذراعه اليمنى ممسكة بالقطعة المعدنية التي ظنّها لعبة "حاولت أن أجمّع أشلاءه بيدي.. كأنني أجمع أرزاقنا المبعثرة"، يقول جده (70 عامًا) وهو يهدئ روعة حفيدة الصغير الذي لا يزال يبكي أخوه، وهو يقول "أخي ياسر وعدني بقطعة حلوى!". في ساحة المنزل، تشم رائحة البارود مختلطة بعبق البن الذي كان يغلي على النار، بينما يحاول الأب إخفاء دموعه خلف نظارته المكسورة.
لم تكن هذه أول قنبلة عنقودية تفتك بأهالي بني مطر، لكنها المرة الأولى التي يُقتل فيها طفلٌ بهذا الوضوح القاسي، "العنقوديات الشيطانية تنتظرنا كالذئاب.. حتى الأحجار صارت تقتل"، يقول أحد سكان القرية، بينما يشير إلى حقلٍ مجاورٍ تحوّل إلى مقبرةٍ مؤقتة لضحايا مُشابهين، الناجون من الغارات يعيشون في خوفٍ دائم: كل خطوة على الأرض قد تكون الأخيرة، وكل لمعة معدنية قد تكون رصاصة مؤجلة.
نُقل ياسر إلى مستشفى ميداني في صنعاء، لكن الأطباء لم يجدوا سوى بطانيةٍ ليلفّوا بها جثمانه، "لا نملك مضادات حيوية للجرحى، فكيف نُنقذ من تنفجر أحشاؤه؟"، يقول طبيبٌ: في الغرفة المجاورة، طفل آخر يصرخ بسبب شظية علقت في عينه منذ أشهر، بينما تهمس ممرضة: "العدوان يقتلهم مرتين، مرة بالغارات ، ومرة بالحصار".
اليوم، تحمل قرية الخضراء اسماً متناقضاً مع واقعها: فالأشجار التي كانت تُظلّل بيوتها صارت حطامًا، وألعاب الأطفال التي كانت تملأ الساحات صارت "ألغامًا" تتناثر بين الأعشاب، حتى الطيور هجرت المكان، كما يقول أحد كبار السن: "الوحيدون الذين لم يهربوا هم الفقراء، ليس لديهم مكان آخر، بقوا كانتحاريين مستبسلين ، يعشقون الشهادة في سبيل الله ولا المذلة تحت رحمة المنظمات المقدمة للمساعدات المنتهية والغير صالحة للاستهلاك الأدمي".
الوداع الأخير: صرخة أمٍّ لا يُسمعها أحد
في جنازة ياسر، لم تكن هناك أعلامٌ أو هتافات.. فقط صمتٌ ثقيل تكرّره الأمهات اللواتي يعرفن أن مصير أطفالهن قد يكون نفس المصير، حمل الأب نعش ابنه المصنوع من ألواح خشبية رخيصة، بينما تتبع الأم الجنازة وهي تحمل حذاءه المدرسية الوحيد: "هذا كل ما تبقى منه.. حتى أسنانه اختفت مع الانفجار".
اليوم، تحولت "القطعة المعدنية" التي قتلت ياسر إلى رمزٍ في القرية.. يرميها الأهالي في مخلفات قاتلة، ويعرفون أن الحرب العدوانية ستظل تلقي بها مرة أخرى، كل يوم، حتى تُغسل أيد العالم من صمتها.
13 فبراير 2018..14 شهيداً وجريحاً في جريمة حرب لغارات العدوان على سوق شعبي بحجة:
وفي اليوم ذاته من العام 2018م، أضاف العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب، ومجزرة مروعة بحق المتسوقين في سوق خاض الشعبي بمديرية بكيل المير، بمحافظة حجة، حولته الغارات من مكان فسيح ينبض بالحياة، إلى تابوت للموت والدمار والرعب، وأسفرت عن استشهاد 4 مواطنين، وجرح 10 ، ودمار واسع في الممتلكات.
قبل الغارة: كان صباح سوق "خضاض" الشعبي في مديرية بكيل المير يعجّ بزحام المزارعين الذين حملوا سلال الخضار الطازجة، هنا بائع الطماطم علي حجوري (50 عامًا) كان يروي للزبائن قصصًا عن موسم حصاد ناجح، وجودة البضاعة، فيما يبادله جاره بائع البصل ضحكاتٌ ساخرة: "هذا الموسم لن يشبعنا، لكنه يكفي لشراء دواء ابني"، متسوقين لم يعلموا أن طائرات "العدوان السعودي الأمريكي" تحوّل أحلامهم البسيطة إلى كابوس.
غارة تلتها أخرى ، ثم أخرى ... أربع غارات حوّلت السوق إلى كتلة نار، حيث تختلط الخضار المبعثرة بدماء الضحايا، "رأيتُ رجلًا يحمل رأس أبنه المقطوع.. كان يصرخ: خذوا الجثمان كاملًا!"، يروي أحد الناجين بينما يرتجف كفُّه الذي ما زال ممسكًا بحذاء طفلٍ لم يُعثر على جثته.
تحت أكوام الحطب المحترق، تظهر جثة بائع السمك، ممسكًا بسكينه الصدئ، وكأنه يحاول قطع حبل الموت عن زبائنه، إلى جانبه، طفل لم يتجاوز العاشرة، نصف جسدها مدفون تحت حائط منهار، ونصفه الآخر يُمسك بلعبة سلاح تقليدية ملطخة بمائه المسفوكة.
العشرات هرعوا لإنقاذ الجرحى، لكن الحصار المفروض على المنطقة جعل الإسعاف مستحيلًا، "نقلنا الجرحى على عربات الحمير، مات اثنان في الطريق من شدة النزف"، يقول متطوعٌ محلي، بينما يُشير إلى بقايا حقيبة إسعافات أولية مُحترقة.
السوق الذي كان مصدر رزقٍ لآلاف العائلات تحوّل إلى ركامٍ تُنبت فيه أشباح الضحايا. *فاطمة* (40 عامًا)، التي فقدت زوجها وثلاثة من أولادها في الغارة، تجلس أمام كوخها المُدمَّر: "بيعتُ خاتم زواجي لشراء الدقيق، والآن ليس لدي ما أحرقه حتى للتدفئة".
في قرية مجاورة، يحاول النازحون بناء أكواخ من القشّ فوق أرضٍ مليئة بالألغام، فيما يبحث الأطفال عن طعامٍ بين جثث الحيوانات النافقة. "نأكل العشب كالأغنام.. الحرب جعلتنا ننسى أننا بشر"، تقول امرأة عجوز ترفض الكشف عن اسمها.
تحت شجرةٍ وحيدة بقيَت قرب السوق، يرقد أربعة شهداء ملفوفين بأكياس بلاستيكية، في انتظار معاول الحفّارين التي قد لا تأتي، "الجرحى العشرة يحتاجون عمليات جراحية.. لكن المستشفى لا يملك حتى القفازات"، يقول طبيبٌ يُدير عيادةً ميدانية، بينما يُخرج شظية من ظهر طفلٍ دون تخدير.
يقول أحد الناجين: "كنا نبيع البصل والطماطم.. أي تهديد كنا نشكله؟"، تتساءل أمٌ فقدت ابنها الوحيد بينما كانت تبحث له عن دواء الصرع النادر، في السوق المُدمَّر، لا يُسمع إلا صوت رياحٍ تحمل رائحة الجثث المتعفنة، وهمسات أهالي بكيل المير: "حتى الموت تعب منا.. فصار يرسل طائراته لإنهاء المهمة"، جثث تُحصى، وجراح تُنسى، وعالمٌ يُغمض عينيه.
13 فبراير 2019.. 8 شهداء و5 جرحى من الصيادين بغارات العدوان السعودي الأمريكي على قاربهم جزيرة البضيع بالحديدة:
وفي اليوم ذاته من العام 2019م، سجل العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، جريمة حرب وإبادة ضد الصيادين في البحر الأحمر بمحافظة الحديدة، غربي اليمن، مستهدفاً قارب صيد بالقرب من جزيرة البضيع مديرية اللحية، ما أسفر عن استشهاد 8 صيادين وجرح 5 أخرين، وترويع الأهالي، وحرمان عشرات الأسر من أرزاقها، وفقدان معيليها، وترميل النساء، وتيتيم الأطفال، وموجة حزن وقهر لا وصف لها.
لم تكن رحلة الصيد التي بدأها ثمانية صيادين من مديرية اللحية صباح ذلك اليوم مختلفة عن غيرها. انطلقوا قبل الفجر بقاربهم الخشبي المهترئ، يحملون شباكًا ممزقةً وأحلامًا ببيع أسماكٍ تكفي لشراء دقيقٍ لأطفالهم. يقول (أحمد) (32 عامًا)، الناجي الوحيد من الغارة: "كنا نعمل في الصيد، كما هو الحال كل يوم وفي لحظة حلقت طائرات العدوان فوقنا، وما ظننا انهم سيستهدفوننا، لكنه فعل ذلك، وفقدت وعيي على الفور".
عندما وصل القارب إلى منطقة "جزيرة البضيع"، حيث تتلاطم الأمواج العاتية، سمع الصيادون دويًّا يشبه صفير الإنذار. لم يدركوا أن طائرة "العدوان الأمريكي السعودي" تحوِّلهم إلى أهدافٍ مُعلَّمة. تقول زوجة أحد الشهداء: "اتصل بي زوجي قبل دقائق يطلب إصلاح شباكه القديمة.. كانت تلك آخر كلماته".
انفجارٌ وحيد اخترق هدوء البحر، مزّق القارب إلى شظايا، ورفع عمودًا من الماء المختلط بالدماء. اختفت الجثث تحت الأمواج، بينما علقت جثة *حسين* (25 عامًا) على صخرةٍ قريبة، ممسكًا بيده حبلًا مربوطًا بسلة سمك فارغة.
أشلاء ترفضها الأمواج
بعد ساعات من البحث، عثر أهالي القرية على جثث ثلاث ضحايا فقط، بينها جثة طفلٍ في الـ14 من عمره كان يعمل صيادًا لمساعدة أسرته، "البحر أعطانا السمك لسنوات.. واليوم أعطانا جثث أبنائنا"، يقول شيخٌ محليٌّ بينما يلف جثمان حفيده بغطاءٍ أبيض يسمى كفن، مبلل بماء الورد والريحان والعطور.
أما الجرحى الخمسة، فقد نُقلوا على متن قاربٍ آخر إلى مستشفى ميداني، حيث توفي اثنان منهم بسبب نقص الإمكانات الطبية. "لا يوجد حتى مضاد حيوي.. نضطر لقطع الأطراف الممزقة بالشظايا دون بنج"، يقول طبيبٌ يُحاول إنقاذ صيادٍ فقد عينيه.
الغارة لم تقتل الصيادين فحسب، بل قتلت مصدر الرزق الوحيد لأسرهم. "كنا نعيش على ما يجلبه البحر.. واليوم صار البحر مقبرة"، تقول أمٌ لثلاثة أيتام، بينما تبيع آخر "شبكة صيد" لزوجها الراحل لشراء كيس حليب.
في القرية، تحول الأطفال إلى صيادين في مهب المخاطر، يخرجون َ بقوارب صغيرة بحثًا عن الطعام، فيما يعمل إخوانهم الأصغر منهم في تنظيف الأسماك الملوثة بمخلفات الحرب. "أخاف أن أموت مثل أبي.. لكن الجوع أخطر من الطائرات"، يقول مراهقٌ اضطر لتحمّل مسؤولية عائلته.
الجثث الضائعة: البحر يسرق حتى حق الوداع
حتى اللحظة، لم يُعثر على جثث خمسة صيادين، ما زالت الأمواج ترفض إعادتها. "أبحث عن جثة أبي كل صباح.. أرمي له خبزًا في البحر كي لا يجوع"، تقول الطفلة *مريم* (9 أعوام)، التي تحمل صورة والدها البالية إلى الشاطئ كل يوم.
تحمل الريح رائحة الملح والبارود إلى قرية اللحية، بينما يتساءل أحد الأهالي: "لماذا تُستهدف قوارب الصيد؟ أي خطرٍ كنا نمثله؟". لا إجابة إلا صدى دويّ الطائرات الذي يعود كل ليلة، كأنه يُذكّرهم بأن الحرب لا تنتهي.. فقط الضحايا يتجددون.
سيبقى يوم 13 فبراير خلال 9 أعوام منذ بدأ العدوان على اليمن، يوماً أسود في تاريخه ، وسيبقى ذكر الشهداء محفوراً في قلوب الأحرار لقد كان هذا اليوم بمثابة صرخة مدوية إلى العالم، لكي يتحرك لوقف هذه الحرب الظالمة، وإنقاذ الشعب اليمني من معاناته.

(نص + فيديو) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في الذكرى السنوية للصرخة وحول آخر مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية 03 ذو القعدة 1446هـ 01 مايو 2025م

(نص + فيديو) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول مستجدات العدوان على غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية 26 شوال 1446هـ 24 أبريل 2025م

(نص + فيديو) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول مستجدات العدوان على #غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية 19 شوال 1446هـ 17 أبريل 2025م

(نص + فيديو) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر تطورات العدوان على غزة وآخر المستجدات الإقليمية والدولية 12 شوال 1446هـ 10 أبريل 2025م

شاهد | لقاء لقبائل جهران في ذمار براءة من عملاء أمريكا وإسرائيل وإعلانا للنفير العام 08-11-1446هـ 06-05-2025م

شاهد | لقاء لقبائل بني الضبيبي في ريمة براءة من عملاء أمريكا وإسرائيل وإعلانا للنفير العام 08-11-1446هـ 06-05-2025م

شاهد | لقاءات قبلية في صعدة للبراءة من عملاء أمريكا وإسرائيل وإعلانا للنفير العام 08-11-1446هـ 06-05-2025م