• العنوان:
    سلسلة روائع الأدب اليمني.. الشاعر الكبير الراحل عبدالله البردوني ح3.. إعداد حسن المرتضى
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    خاص| 10 ديسمبر | المسيرة نت: مجموعة من روائع الشاعر الكبير عبدالله البردوني
  • التصنيفات:
    ثقافة
  • كلمات مفتاحية:

مجموعة من روائع الشاعر الكبير عبدالله البردوني

(زفة الحرائق)

..

شوقُ (واشنطنْ) إلى (بَنَما)

يستحثُّ (الإدْزَ) والصمَّما

ويوصّي ما سينقدُها

كيف يجني ربحَ ما غَرِما

كيف يشويها على (وضَمٍ)

ويذيب العظمَ والوضَما

***

شمّها أشهى، أيتركها

وهو أضرى مخلباً، وفما

وبأغلى اللحم ذو ولعٍ

مذ غَذتْهُ أمُّهُ القَرَما

***

موّه السكّينَ داخلهُ

مَنّ برى إحساسه (جَلَما)

فهو ذبّاحان مفترقاً

وهو مزّاقٌ إذا التأما

***

(بَنَما): مَنْ أين يقضمها

أيها ما غصَ مقتضِما

هل (غرينادا) شبيهتها؟

عمَّهتْ أوصافُها الكلما

ما الذي يخفى عليه بها؟

حزمُها لو شدّت الحُزما

ربما تبدو مواجهةً

غيرها أو عكْسَ ما زعما

هل قواه الراكضات على

صدرها لم تدر ما كظما؟

***

مَنْ هنا، أو ثمَّ يقصفها

غير مبدٍ وجه مَن هجما

أو يماسيها مفاجأة

مطعماً ساحاتها الحمما

كإنساً فيها البيوت إلى

حيث لا شعبٌ ولازُعما

***

مِن يديه التفَّ معتكراً

مِن حشاه انشقَّ ملتهما

سوف يرمي الشهب عاويةً

يحرق الأشجار مبتسماً

وتمادى راسماً خططاً

وبأقسى الفتك منسجما

راكباً أدغال هامتهِ

راكزاً عرقوبه عَلَما

طالعاً مَنْ ساقه عنقاً

نازلاً من أنفه قدما

داخلاً مَنْ حلقه شبقاً

خارجاً من ظهره سأما

***

لا مجيباً سائليه ولا

سائلاً ماذا انتواه وما

يأكل الأثداء لا شعَرتْ

يده لا شمَّ لا طَعِما

ذاهلاً عما طهاهُ وعن

نيىءٍ مَن لمسه انهضما

ساحباً تاريخه جثثاً

ناصباً دولاره صنما

***

تارة مستهوناً خطراً

تارةً مستسمناً ورَما

دافناً كل حمّى

باعثاً من دفنها الرِّمما

***

قلبهُ جنزير كاسحةٍ

وجههُ نفعيةُ اللؤما

هجسهُ ترسانةٌ دمُه

يُرضع الصاروخ والقلما

كي يربيّ العلم مفترساً

كالمواسي يرهف العُلَما

ولكي يردي بلاسببٍ

بالديمقراطيِّة التثما

***

مقلتاه نبض حاسبةٍ

يخطف الشرقين لمحهما

يدخل الظلماء من يدها

كي يقود الصبح متهما

***

بيتُه مرمى قذيفته

والشطايا أهله الوُسًما

مِزَقُ الأنقاض زوجتهُ

والسكرتيرات والنُّدَما

***

كل صاروخ له وطنٌ

(بَنَما) بعض الذي اغتنما

كيف يغشي النائيات ومِن

هذه ما جاوز اللَّما

وهْي أدنى من يديه إلى

فمه، لِمْ لا يغوصُ، لِمَا؟؟

وإليها اقتاد، هبَّ، وكم

هبَّ مجّاناً منتقما

(بنما)، (واشنطن) اقتحمت

– تلك في حلقي، مَنْ اقتحما

ومتى غابت؟ وهل حسمَت

غير تعقيد الذي انحسما؟

وحضور الموت يفقدهُ

رصْدَه إذ مات مُذْ قَدِما

مَن أتتْ؟ نفسُ التي انزرعَت

أيُها الأخرى؟ وأيُّهما؟

***

إنها تُصْلي هنا وهنا

تحجبُ الأضواء والظُّلَما

تلبس الآفاقَ تخلعُها

– كالمواشي – تسلخ الدِّيَما

تحرق الساعات دائرةً

حولها تستنشق الدّسَما

سوف تُفْني كلَّ ما لمست

– غير عزم الفتية العُظُما

***

كم أحالت تلك عامرةً

عدماً يستوطن العَدما

سل (هروشيما) وصنوتها

– صديقي – مَن أبادهما؟

لو رآها سدُّكمْ لأبى

أن يسمّي سيله العَرِما

ناوشتْ (كوبا) لتأكلها

فاستجاشتْ همّها همما

و(الخليج) اليوم يذكرها

ما الذي ألقت وكيف طمى

في (غرينادا) همت لهباً

يعرف الشيطان كيف هَمى

هشمَتْ في (ليبيا) قمراً

يحتذي مولى الذي هشما

ولها في (كوريا) خبرٌ

قلت: هل أرويكَ؟ فاحتشما!

***

هذه أخبار مَسْبعةٍ

لتهم الغربان والرَّخما

كيف عني الآن أدفعها؟

هل ترى إيضاحها انْبَهما؟

***

السماء الآن قنبلةٌ

ترتعي أرضاً بدون سما

ترتمي، ترقى، يكسِّرها

نصفُها الأعلى بما التقما

مثلُ بحرٍ قام مجتمعاً

يعصر الغيماتِ فانقسما

تلك لا تَروى وإن جرعَت

بالتهام المؤلم الألما

تلحس الممسوحَ باذرةً

في احتمال الصيحةِ البَكَما

وتزفُّ الموتَ تعجمهُ

تنتحي تستعرب العَجما

***

ما الذي ينقضّ منتعلاً

عالَماً انفصما

كابن خمسٍ جدُّ جدَّتهِ

فيه أصبى مقلةً ولّمى

يمتطي إن قام لحيتَهُ

يرتدي فخذيه إن جثما

يلعن الأعلام، مَنْ غدروا

باسمها الأخلاق والذِّمما

والألى أثروا بما حرموا

والذين استوهبوا النعما

وتماثيل الألى ذهبوا

ومجيء الصِّبية الحُلَما

أَغشَمُ الآتين مَظْلَمةٌ

مَن أطاعوا كلَّ مَن ظلما

كل تنظيماتهم فقدت نهجها

مذ أصبحت نُظُما

***

يا طواحين الحريق متى

يهجع القصف الذي بَشما؟

الربى تنبو بأظهرها

كخيولٍ تَعْلِكُ اللجما

والحواري في اسمها غَرَبت

بلدٌ مِن خَصره انقصما

***

(بنما)، (واشنطن) امتشقت

مَن قواها الأحدث النّهمِا

– إنها بالقتل عالمةٌ

إنما لا تعرف الندما

(فَتْنمِي) كفَّيكِ تلك بنَتْ

مِن شظايا هذه هَرَما

***

انظري كيف اعتلت ودنت

تطحن الأوهاد والقمما

هاهنا تجتاح مَزْدَحَماً

وهنا تجتثُّ مُزدحما

تمضغ الجدران تنفثها

خلفها ترمي بها قُدما

***

ليس تدري ما الذي حَطَمَتْ

ما الذي مَن عظمها انحطما؟

ما الذي مَن تحتها هدمت

ما الذي من فوقها انهدما؟

هل رمت سوقيْنِ أم شبحاً؟

هل رمت جيشاً وكيف رمى؟

هل شوت تسعين مدرسةً؟

أحم حَماماً لم تجد حَرما؟

ما تسميه الذي رسمت

ما الذي مِن عكسه ارتسما؟

أهي جاءت تستبيح دماً؟

قل وجاءت كي تصبَّ دما

مثل كسر الطفل صيِنيَةً

كَسّرتْ كي تسمع النغما

(كيف تصبو دولةٌ نَصَفٌ

خير نصفيها الذي انصرما)

ذئبة ناريّضةٌ سترى

أنها ما باغتت غنما

***

حاربت للحرب عبَّأني

وطني كي أحرس الشَّمما

نبتغي داري وقُطر أبي

وأنا أحمي أعزَّ حمى

لبَّت الشيطان في دمها

وأجبتُ البذلَ والقيما

القوى في كفِّ زوبعةٍ

غيرها في قبضة الفُهما

***

قيل لي: غامرت، قال أبي:

يغلب الأقوى من اعتزما

مِن دمي غُصَّتْ بأفسده

وأنا خفَّيت مُحْتجما

***

قيل مَن كانوا هنا عسساً

عندها أضحوا لها خُصَما

هل تراها حاربت وطناً

كي تقاضي خمسةً غُرَما

***

مرَّ (أتْسوعٌ) وما لمحَتْ

ما الذي ولّى وما نجما؟

وقتُهما إسقاط حاميةٍ

موقعٍ ما زال محتدما

خَتْلُ حيٍّ لا وجومَ به

مِن حشا الحيِّ الذي وجما

مدفعٌ يهتاج أربعةً

ورجيمٌ يسرد الرُّجُما

***

كلُّ آنٍ خلفها مدَدٌ..

خلفه ثانٍ إذا انثلما

إن أشابت ذا الحِمام وذا

زفَّت الموتَ الذي اغتلما

أصبحت حرباً يُشيْطنها

ماردٌ يعتاد ما اجترما

خِلتُها تلويحَ ذي بصرٍ

رؤيةُ الغازي أشدُّ عمى

***

ليتني (عَوْجٌ) أحطُّ هنا

(كَنِناً) يحميك أو (نُقُما)

من هما؟ أعتى الجبال على

كلِّ عاتٍ ذاك دأبهما

لو رآكِ الأطلسي وأنا

قال: حُلْ يا (جورج) بينهما

مَن له قلبٌ فليس لهُ

قدرةٌ ما أغرب الرُّحَما

مَن تسمّى؟ عيدُ معركتي

أن ألاقي الآن ملتزما

ما تزال الأرض عامرةً

بالرفاق الثُّقَّب الكرما

ولماذا لا أشاهدهم

أعظم الأخطار ما انكتما؟

كل لاتينيَّةٍ جمعَتْ

أمرها مِن أمرنا أَمَما

***

بعد هذي الحرب ثالثةٌ

قل: ورابعةٌ وزدْ رقما

قيل لي: (واشنطن) اتِّحدتْ

بالردى، شاخ اتحادهما

قد أراها في هجوم غدٍ

للردى الثاني غدتْ خَدَما

فهي أرمى بالحتوف إلى

كلِّ شعبٍ ثار أو حَلُما

ما أنا الأولى بدفترها

لا (مَنَجْوا) آخرُ القدما

***

أيُّ قطرٍ فيه ما اضطرمَت

أو بعدوى نارها اضطرما

فإذا ما داهمت فلها

مَن دهى عنها ومن دهما

***

لو لها ماضٍ لشاهدها

تستحلُّ الأشهرَ الحُرما

والذي شاد (الخليل) ومَن

طاف بالأركان واستلما

لو رآها المُعْرقون لما

شيّدوا (الأهرامَ) أو (إِرَما)

فهْي تأتي اليوم قاتلةً

ثم تأتي ضيف مَن سلما

تثبت الأولى إدانتها

ترتضي الأخرى بها حكَما

تكتري زوجاً كشكل فتىً

زوجةً لا تملك الرَّحِما

***

سوف تلقاني أجَدَّ قوىً

وألاقيها أحرَّ ظما

لا انتهى غاذي مقاومتي

لا ولا عدوانها اختتما

***

قلْ لواشنطن متى اقتدرت

أمَّةٌ أن تبلع الأمما

إنها الأقوى بدون حِجىً

ولها حُكْمٌ بلا حُكَما

إن تبعْ باعتْ منىً بمنىً

إن شرت تشري دُمىً بِدُمى

إن رأتها بالقوى انتصرتْ

هل رأت إنساني انهزما

شذَّبتْ فوضى زوائده

تحت نار الهجمة انتظما

والذي أدمتْ ثراه به

شمَّ حِنّا أرضه فنما

إن أدارتْ فيه ملحمةً

فعلى إصراره التحما

***

عبثاً جاءت فما قتلتْ

غير مقتولٍ بها اعتصما

وانثنتْ مفنوخةً وأنا

غيرَ مَن ظنّت أنا (بنما)

1990م

 

 

(امرأة الفقيد)

..

لم لا تعود؟ وعاد كل مجاهد

بحلى (النقيب) أو انتفاخ (الرائد)

ورجعت أنت، توقعاً لملمته

من نبض طيفك واخضرار مواعدي

وعلى التصاقك باحتمالي أقلقت

عيناي مضطجع الطريق الهامدِ

وامتد فصل في انتظارك وابتدا

فصل، تلفح بالدخان الحاقد

وتمطت الربوات تبصق عمرها

دمها وتحفر عن شتاء بائد

وغداة يوم، عاد آخر موكب

فشممت خطوك في الزحام الراعد

وجمعت شخصك بنية وملامحاً

من كل وجه في اللقاء الحاشد

حتى اقتربت وأم كل بيته

فتشت عنك بلا احتمال واعد

**

من ذا رآك وأين أنت؟ ولا صدى

أومي إليك، ولا إجابة عائد

وإلى انتظار البيت، عدتُ كطائر

قلق ينوء على جناح واحد

**

لا تنطفي يا شمس: غابات الدجى

يأكلن وجهي يبتلعن مراقدي

وسهدت والجدران تصغي مثلما

أصغي، وتسعل كالجريح الساهد

والسقف يسأل وجنتي لمن هما؟

ولمن فمي؟وغرور صدري الناهد؟

ومغازل الأمطار تعجن شارعاً

لزجاً حصاه من النجيع الجامد

وأنا أصيخ إلى خطاك أحسها

تدنو، وتبعد، كالخيال الشارد

ويقول لي شيء، بأنك لم تعد

فأعوذ من همس الرجيم المارد

**

أتعود لي؟ من لي؟ أتدري أنني

أدعوك، أنك مقلتاي وساعدي

إني هنا أحكي لطيفك قصتي

فيعي، ويلهث كالذبال النافد

خلفتني وحدي، وخلفني أبي

وشقيقتي، للمأتم المتزايد

وفقدت أمي: آه يا أم افتحي

عينيك، والتفتي إلي وشاهدي

وقبرت أهلي، فالمقابر وحدها

أهلي، ووالدتي الحنون ووالدي

وذهلت أنت أو ارتميت ضحية

وبقيت وحدي، للفراغ البارد

**

أتعود لي؟ فيعب ليلي ظله

ويصيح في الآفاق أين فراقدي؟

أكتوبر1964م

 

 

 

(حضان المآتم)

كان يبدو، كصائم ما تعشى

الملايين فيه، جوعى وعطشى

أثث القلب للعراة، ويحكي

أنه ما أذاق جنبيه فرشا

* * *

بين جنبيه تشرئب الشظايا

أنجماً من دمٍ، صباحاً مغشى

كل مثوىً نبا بها فوعاها

منه قلب أحلها فيه عرشا

في حناياه ترتعي، ثم تصبو

وهو ذاو، يكاد ينحل قشا

كل (أفغان) فيه تنهار تعلو

كل (صيدا) تنهد فيه لتنشا

* * *

أي سر عن كل شلو سيبدي

أي أخبارها إلى الريح أفشى

إنه يحمل الضحايا، ويضني

عن خبيئاتها المجاهيل نبشا

ما الذي باح للسوافي، دعاها

لا تنامي، صبى على الوحش وحشا

مصرع الباطشين ما شئت منه

مقتل اثنين، بل تزيلين بطشا

هل أجابته، هل درى من يباكي

أهل صرعى (جنين) أو أهل (موشى)؟!

* * *

عنه ساهٍ، لاهٍ بكل صريع

وعلى المنظرين، أحنى وأخشى

ذاك أقوى فتىً، وأبكى إذا ما

أن شيخ أو اشتكى الطفل خدشا

أو تعاطى فن الكتابة ناءٍ

عن حماها، يدمي الوريقات خمشا

* * *

كل آن تغشاه أخفى المآسي

وعليها يقيس ما ليس يغشى

جاره من يعول عشراً، رماه

جاره جثة، على أي ممشى

فامتطى من رماه أصبى طرازٍ

وارتجى المرتمي، ومانال نعشا

واقتضى قاتل الفقير ألوفاً

والبواكي عليه، ما نلن قرشا

* * *

هكذا حكمنا، علينا ومنا

في زمان أعمى، يقسيه أعشى

واللغى فيه باع، وابتاع، أردى

احتوى واستزاد، رشى، ترشى

ما تلقى عير (الكوميشان) درساً

فالتمسه إن شئت، في باب (كمشا)

* * *

ونرانا بالهجو نرميه بحراً

مثل من يستلذ في الحلم فحشا

قال ذاك النموذج الفرد يؤذي

أوبش الناس، حين تدعوه وبشا

وإلى القاذفات أومى، لماذا

كنت أقسى؟ وكنت ليناً وهشا

ليس من يدفن البيوت الحزانى

مثل من ينطوي على قتل (رقشا)

من عظامي هذي الخرابات تبدو

كشؤوني: لهفى، وغرثى، وعمشا

تلك تشتف حزن عاتيك، هذي

مثل أمية تترجم نقشا

تلك محشوة، بيتم الصبايا

ذي بأدمى القلوب والخوف، أحشى

* * *

ذلك التل كان أضلاع فوجٍ

الردى فيه، للردى الغير بشا

كل قصفٍ ما هز صنعاء فيه

كل شعوى ما استطلعت منه رعشا

ذاد حتى انطفائه، قام تلا

يعتلي الناهشين، رجماً ونهشا

قال: لو في التلال جذر قتال

كجذوري، لأصبح الذئب كبشا

* * *

قص هذا للقاذفات، ونادى:

ارجعي محرثاً فؤوساً ورفشا

كل بيت رشيت بالنار يعيا

كيف ترقين، كي تصيري مرشا

الرفات التي قذفت يميناً

وشمالاً كانت ربيعاً موشى

* * *

قال هذا، وغاص يبحث عنه

فيه يمشي، وسائلاً من تمشى

نافشاً قلبه على الليل (عهناً)

يبتدي غزله، فيرتد نفشا

واجتلى المبتدا، فشم كتاباً

مد أبكى الفصول فيه، وحشى

كان يذوي كي يسمن الفن فيه

ويعري، كي يظهر الغش غشا

1994

(ميلاد الربيع)

..

ولد الربيع معطر الأنوار

غرد الهوى ومجنح الأشعار

ومضت مواكبه على الدنيا كما

تمضي يد الشادي على الأوتار

جذلان أحلى من محاورة المنى

وأحبٌ من نجوى الخيال الساري

وألذُ من سحر الصَبا وأرق من

صمتِ الدموع ورعشه القيثار

هبط الربيع على الحياة كأنه

بعْثٌ يعيدُ طفولة الأعمار

فصبت به الأرض الوقور وغردت

وتراقصت فتن الجمال العاري

وكأنه في كل وادٍ مرقص

مرح اللحون معربدً المزمار

وبكل سفحٍ عاشقٌ مترنم

وبكل رابية لسان قاري

وبكل منطعف هديرُ حمامه

وبكل حانية ٍ نشيدُ هزار

وبكلٌ روض ٍ شاعرٌ يذرو الغنا

فوق الربا وعرائس الأزهار

وكأن أزهار الغصون عرائس

بيض معندمة الشفاء وعواري

وخرائد زهرُ الصبا يسفرن عن

ثغر لؤليَّ وخد ناري

من كل ساحرة الجمال تهزها

قبل الندى وبكا الغدير الجاري

وشفاه أنفاس النسيم تدبٌ في

بسماتها كالشعر في الأفكارٍ

فِتنٌ وآيات تشعُ وتنتشي

كالحور بين تبسمٍ وجوار

ناريةُ الألوان فردوسية

ذهبية الآصال والأسحار

آذارُ يا فصل الصبابة والصَّبا

ومراقص الأحلام والأمطار

يا حانة اللحن الفريد وملتقى

نجوى الطروب ولوعة المحتار

أجواؤك الفضية الزرقا جلت

صور الهنا وعواطف الأقدار

ومحا هواك هوا الشتا القاسي كما

يمحو المتابُ صحيفة الأوزار

في جوك الشعري نشيد حالم

وعباقر شمُ الخيال عذاري

* * *

ما أنت إلا بسمة قدسيةُ

ريا الشفاه عميقة الأسرار

وبشائر مخضلة وترنم

عبقٌ أنيق السحر والسَّحَّار

 

 

قوائم التشغيل
خطابات القائد