-
العنوان:المكبِّرون في سجون الأمن السياسي.. حكايات مؤلمة من زنازين الصمود [الحلقة 11]
-
المدة:00:00:00
-
الوصف:خاص | 01 مايو | منصور البكالي | المسيرة نت: في أزقة الذاكرة، وجدران الماضي القريب، تستعيد كلمات المجاهد أبي قيس الداجي شريط البدايات الأولى لـ "الصرخة"، ذلك الشعار الذي هز أركان الصمت وأطلق سيلاً من التساؤلات في المجتمع اليمني الذي كان يرفس تحت وطأة الوصاية الخارجية.
-
التصنيفات:ثقافة
-
كلمات مفتاحية:
يروي الداجي، بصوت يقطر صدقاً وإيماناً، كيف كانت تلك اللحظات بمثابة "نقلة كبيرة" في النفوس، زلزلت المفاهيم الراسخة وحركت المياه الآسنة في بحيرة الركود الفكري.
يستحضر الداجي توجيه الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي - رضوان الله عليه - في بواكير انطلاق الصرخة، حين أمر برفع الصوت عالياً من منطلق "المسؤولية" الجهادية الفردية والجماعية أمام الله سبحانه وتعالى، تزامن ذلك مع فترة عصيبة بدأت فيها الولايات المتحدة حملة "استهداف للإسلام والمسلمين" تحت مظلة ما يسمى بـ"مكافحة الإرهاب" - وهو المصطلح الذي اعتبره الشهيد القائد مجرد "حرب مصطلحات" للسيطرة على الشعوب العربية والإسلامية.
في هذا المناخ المشحون، بزغت "الصرخة المباركة": "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام".
كانت هذه الكلمات بمثابة صاعقة أيقظت الضمائر وكسرت قيود الخوف، يؤكد أبو قيس أن تأثير الصرخة كان "كبيراً جداً" في نفوسهم أولاً، حيث مثلت "نقلة كبيرة" حولتهم من "واقع الصمت إلى واقع الكلام"، إلى امتلاك موقف واضح وجريء ضد الغطرسة والهيمنة الأمريكية، ولو بـ "مجرد الكلمة الواحدة"، لقد نجحت الصرخة في "كسر حاجز الخوف والهيبة، الذي كان يخيم على القلوب.
يأخذنا أبو قيس الداجي في رحلة مكانية وزمانية إلى بدايات التجمعات الأولى، وهو داخل جامع الامام الهادي، يتذكر كيف انتقلوا ومجموعة من الإخوة، بينهم الشهداء أحمد زبر ويحيى سعد الخضير وعبد الغني العفواني، إلى جامع فليتة بجوار المجمع الحكومي في صعدة.
هناك، انطلقت أولى الصرخات مدوية في جمعتين متتاليتين، وصل صداها أذان محافظ المحافظة، لكن سرعان ما أُغلق الجامع في وجههم في الجمعة الثالثة، ليتحركوا بعدها إلى جامع الإمام الهادي، حيث استمروا في الهتاف بالشعار.
لم تدم الأمور على هذا المنوال طويلاً، فبعد جمعتين، بدأت "المواجهة المباشرة" حين تحرك السفير الأمريكي إلى محافظة صعدة ونزل في سوق الطلح، وهو يشاهد لواصق شعار الصرخة على خناجر المواطنين، وبنادقهم، كبار وصغار، وعلى قطع قماش معلقة على الجدران والمحلات، وفوق الجبال، وسوق السلاح، تبع ذلك ضغوط أمريكية مكثفة على السلطة آنذاك، التي تحركت بدورها "لمحو الشعار".
ويروي كيف كانت السلطات الظالمة تمسح عبارات "الموت لأمريكا والموت لإسرائيل واللعنة على اليهود"، بينما كانت تترك عبارتي "الله أكبر والنصر للإسلام".
يصف هذه الواقعة بأنها كانت "نعمة كبيرة" لهم، فقد استغلوها في طرح تساؤلات على الناس: "الله أكبر على من؟ إذا قد تم مسح الموت لأمريكا والموت لإسرائيل واللعنة على اليهود، فعلى من الله أكبر؟ والنصر للإسلام، على من سينتصر الإسلام، قد بعدوا اليهود والأمريكيين الإسرائيليين؟".
لقد أدرك الناس حينها "أهمية أن هؤلاء يعملون لما يجرح مشاعر الأمريكيين أو الإسرائيليين"، وكيف تتحرك السلطات ضدهم وضد شعاراتهم في الوقت الذي يرتكب فيه الأمريكيون "المذابح والقتل وانتهاك الأعراض في أفغانستان".
بعد هذه الأحداث، انتقلوا إلى جامع الإمام الهادي، حيث تصاعدت المواجهات والاعتقالات بشكل كبير، يصف الداجي تلك المرحلة بأنها كانت "صعبة"، حيث يقف "الأب والأخ والصديق والقريب والبعيد ضدهم "، والكل يلومونهم ويتهمونهم بأنهم "مخربين ومشاغبين " ويلعنون اليهود في المسجد - وهو الأمر الذي روج له البعض بأنه "لا يصلح في المسجد".
حينها صدرت الفتاوى والتثقيف والضغوط على المجتمع ليحركوه ضدهم، ليصبحوا في نظر الكثيرين مصدر "شؤم".
ويتذكر كيف كانوا يشعرون بالضغط حتى في منازلهم، وكيف كانت نظرات الشؤم تلاحقهم في المساجد، لكنهم لم يستسلموا، بل استغلوا تواجدهم مع الطلاب في المراكز الصيفية في توعية المجتمع، رغم أن "أغلب المجتمع كان معارضاً" أو "خائفاً" أو لديه "مصالح" تدفعه للصمت.
كانوا يحرصون على استغلال الوقت بين صلاتي المغرب والعشاء في إلقاء "كلمات قصيرة"، وهو ما عزز "الوعي والبصيرة" في نفوسهم وفي نفوس المستمعين، ليحدث "نقلة كبيرة" بفضل الله.
يصل بنا السرد إلى لحظة مفصلية حين علموا بقدوم الخائن علي عبد الله صالح والشيخ عبد المجيد الزنداني إلى مسجد الامام الهادي، في تلك اللحظة، شعروا بـ "خوف" حقيقي، حين شاهدوا الانتشار الأمني الكثيف داخل المسجد، وعلى أبوابه وفي كل مكان.
يصف الداجي هذا الموقف بأنه اللحظة التي "يعرف الإنسان حقيقة إيمانه"، لأن "الخوف يكشف حقيقة الإيمان، ولا يكشف حقيقة إيمان الإنسان إلا الموقف القوي.
في تلك الليلة، قبل صلاة الجمعة، تم اعتقاله ورفيقه أحمد حجر بتهمة التحريض، يصف الداجي الموقف داخل المسجد بحضور صالح والزنداني بأنه كان "قوياً جداً" ويحتاج إلى "وقفة جادة" و "صرخة قوية ومرتفعة"، وهو ما تحقق بفضل الله وتوفيق الإخوة، وتوجيهات الشهيد القائد.
بعد الاعتقال، نُقل الداجي إلى داخل الجامع وهناك، التقى بمحافظ صعدة ومدير الأمن السياسي آنذاك، يصف الكلام الذي سمعوه منهم بأنه كان "بذيئاً جداً" ولا يرقى إلى مستوى المسؤولية، ومن ثم أدخلوهم السجن المركزي بقحزة.
استمرت رحلة المعاناة بالاعتقال، حيث قضوا شهرين قبل الإفراج عنهم، وبعد الإفراج، قرروا الانطلاق للقاء الشهيد القائد، مؤمنين بأن الله سبحانه وتعالى يربيهم في هذه المسيرة "تربية هداية واقتداء" ويرتقي بهم حتى في مواقفهم.
عند وصولهم للقاء الشهيد القائد، توقعوا "ثناءً، وإطراب، لكن القائد وجههم بتوجيه جديد: "الآن بدأت الصرخة في الجامع الكبير بصنعاء، والإخوان المكبرين هناك قليل، واحنا بحاجة تعززوهم".
يقول: "كان هذا الموقف، أكبر من السابق، و أشد ومرحلة جديدة ارتجفت لها قلوبنا، وشعرنا بالتقصير، لكن توكلنا على الله وتحركنا إلى الجامع الكبير في صنعاء، وتم اعتقالنا هناك، بعد أداء مهمة الهتاف بالصرخة، لتبدأ فصول أخرى من المعاناة استمرت "ثلاث سنوات ونصف في سجن الأمن السياسي".
يختتم أبو قيس الداجي شهادته المؤثرة بوصف لحظات دخولهم إلى الأمن السياسي، حيث اصطف أمامهم نحو عشرين ضابطاً وعسكرياً، وكانوا يضربونهم بوحشية بالكابلات والعصي حتى امتلأت أجسادهم بالدماء قبل إدخالهم إلى الزنزانة، ويقارن ذلك بالوضع الحالي اليوم، حيث يدخلون بفضل الله والكل "يتمتم" احتراماً وتقديراً لهم.
يؤكد الداجي على "الحاجة الماسة لتذكر هذه النعمة" والمحافظة عليها، لأنها في نفس الوقت "مسؤولية" عظيمة، فهم مطالبون بأن يكونوا "خداماً لهذا الشعب" كما يريد الله سبحانه وتعالى، وإلا فإن الله سيهيئ مستضعفين آخرين ويبعدهم إذا تكبروا.
يختتم كلماته بالتأكيد على حاجتهم الدائمة إلى الله، سواء كانوا ستة أشخاص يصرخون في مكان صغير أو ملايين يهتفون في ساحات واسعة، فالحاجة إلى الله هي نفسها في كل الأحوال والظروف.
هكذا، تتجلى من خلال شهادات أبي قيس الداجي الملامح الأولى لـ "الصرخة"، رحلة إيمانية شاقة بدأت بتساؤلات جريئة وواجهت قمعاً شرساً واعتقالات وملاحقات، لكنها استطاعت أن تكسر حاجز الخوف وتوقظ الوعي في نفوس الكثيرين، لتؤسس لمسيرة طويلة من الصمود والتضحية في وجه الطغيان والهيمنة الامريكية.
إنها حكايات إيمانية وإنسانية مؤثرة تجسد قوة الإيمان والثبات والعزيمة والشكيمة، في مواجهة التحديات وعظمة البدايات، في تحمل المسؤولية واستشعار الواجب الديني الجهادي، مهما بدت صغيرة ومتواضعة، لكنها بفضل الله غيرت وجه العالم، وأثبتت أن رسالة الله باقية ورحمته ممتدة عبر الرسل والأنبياء وإعلام الهداية، ولا بد للحق أن يزهق الباطل بقوة الثقة بالله والجهاد في سبيله، وإعلان البراءة من أعداء الله.
شاهداً على الصرخة
وفي أروقة الذاكرة، حيث عبق الماضي يفوح بصدى الهتافات الأولى، يقف المجاهد ضيف الله الشامي، وزير الإعلام السابق، شاهدًا على فجر شعار الصرخة في منبعها، ويسترجع تلك الأيام الخوالي، حين كانت التوجيهات من الشهيد القائد_ رضوان الله عليه _ تأتي همساتٍ حانية، تدعو الناس للتحرك بما هو متاح، وممكن.
بدأت الحكاية في مساجد القرى الوادعة، ثم اتسعت رقعتها لتصل إلى جامع السبيل بمركز مديرية حيدان، هناك، ارتفعت الأصوات لأول مرة مدوية بالشعار الجديد، زلزلت هدوء المكان، وأثارت حفيظة السلطة، يتذكر الشامي كيف كان ترديد عبارات الشعار، في بيوت العبادة يُعدّ فعلًا جللًا، وكيف كان المؤمن يرى نفسه على الحق مهما كلف الأمر، بينما يرتسم الباطل جليًا على وجوه من حاولوا إسكات هذا الصوت الصادق.
"الشعار سلاح وموقف"، هكذا كان يردد الشهيد القائد_ رضوان الله عليه _ في محاضراته، كلمات حفرت في القلوب، فتحولت إلى نبضٍ يومي.
كانوا يخطون الشعار على الجدران، "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام "، فتهب رياح عقيمة عميلة تابعة لأمريكا، تمسح بعض عباراتها، لكن الشهيد القائد كان ينظر إلى الأمر بعينٍ بصيرة، قائلًا: "اتركوها كما هي، إنها تعبر عن أن لأمريكا وإسرائيل أدوات، وقد وصلت الرسالة إليهم، لو لم يكن لها أثر، لما سارعوا إلى مسحها. هذا دليل على تأثيرها الكبير".
كانت تلك المحاولات للمحو تزيد الشعار رسوخًا وقوة، البعض كان يحمل الشعار فوق خناجرهم، يخرجون به بين الناس، فيعتدي عليهم، كانت تحدث مضاربات عنيفة، لكن جذوة الشعار كانت تزداد اشتعالًا، في وعي الناس.
ويتذكر الشامي بداية أخرى للشعار، في جامع الإمام الهادي، لم يكن الأمر بتوجيه مباشر من القائد العلم، بل كان نابعًا من قلوب مجموعة من المجاهدين الصادقين، الذين بادروا من تلقاء أنفسهم بترديده.
ثم يروي قصة جامع فليته في باب اليمن، حيث كان الشباب يصدحون بالشعار فيه، وهناك أيضًا، واجهوا مضايقات جمة، كان البعض يدّعي ملكية المسجد، ويطردون الشباب المكبرين، بل وصل الأمر إلى إغلاق المسجد في وجوههم، ومنع الصلاة فيه خشية أن يرتفع صوت الصرخة من جديد.
في تلك الأيام الصعبة، كانت معاناة الشباب المرددين للشعار جزءًا لا يتجزأ من قصة انطلاقه، كانوا يواجهون العنف والتضييق، لكن إيمانهم بالشعار ورسالة قائدهم أقوى من كل التحديات،
لقد كانت مرحلة تأسيس، تُروى اليوم كحكاية بطولة وصمود، شاهدة على قوة الكلمة وصدق الإيمان في وجه الظلم، ومدى الثقة بنصر الله المحقق والجلي أمام العالم.

(نص + فيديو) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في الذكرى السنوية للصرخة وحول آخر مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية 03 ذو القعدة 1446هـ 01 مايو 2025م

(نص + فيديو) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول مستجدات العدوان على غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية 26 شوال 1446هـ 24 أبريل 2025م

(نص + فيديو) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول مستجدات العدوان على #غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية 19 شوال 1446هـ 17 أبريل 2025م

(نص + فيديو) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر تطورات العدوان على غزة وآخر المستجدات الإقليمية والدولية 12 شوال 1446هـ 10 أبريل 2025م

شاهد | لقاء لقبائل جهران في ذمار براءة من عملاء أمريكا وإسرائيل وإعلانا للنفير العام 08-11-1446هـ 06-05-2025م

شاهد | لقاء لقبائل بني الضبيبي في ريمة براءة من عملاء أمريكا وإسرائيل وإعلانا للنفير العام 08-11-1446هـ 06-05-2025م

شاهد | لقاءات قبلية في صعدة للبراءة من عملاء أمريكا وإسرائيل وإعلانا للنفير العام 08-11-1446هـ 06-05-2025م