• العنوان:
    اليمنيون أسود في زمن الاستحمار..
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في زمنٍ تتراجع فيه إرادة الأمم، وتنحني فيه الشعوب تحت وطأة الهزيمة النفسية والتبعية، يبرز اليمنيون كاستثناء صارخ، كشعبٍ اختار أن يكون أسوداً في زمن الاستحمار.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

بينما تتخبط الأمة في حيرةٍ بين القبول بالهوان أو الانشغال بالصراعات الجانبية، يواصل اليمنيون كتابة تاريخٍ مختلف، تاريخٍ لا يعرف المساومة ولا الخنوع. إنهم لا يحتجون فقط، ولا يكتفون بالهتاف، بل يترجمون إيمانهم بالعدالة إلى فعلٍ ملموس، إلى مقاومةٍ لا تعرف التوقف.

ففي الوقت الذي تكتفي فيه معظم الشعوب العربية بالحديث عن دعم غزة، يصنع اليمنيون واقعاً جديداً، حيث تصبح الكلمات طلقات، والمواقف صواريخ، والإرادة سيفاً مسلطاً على رقبة المحتل وأعوانه.

لا يمكن لأحدٍ أن يتجاهل مشهد الساحات اليمنية الممتلئة عن آخرها، أسبوعاً بعد أسبوع، بشعبٍ قرر أن يكون صوت الأمة المنسية. إنها ليست مجرد تظاهرات، بل هي زلزالٌ سياسي وأخلاقي يهز ضمير العالم. أكثر من 900 ساحة في مختلف المحافظات تمتلئ برجالٍ ونساءٍ وأطفال، يحملون أعلام فلسطين ويصرخون باسم الإنسانية المهدورة.

هذه المليونيات ليست حدثاً عابراً، بل هي إعلانٌ واضح بأن الشعب اليمني قد اختار موقعه في المعركة المصيرية للأمة. إنهم لا يطالبون فقط بوقف العدوان، بل يطالبون بتحرير فلسطين، ويرفضون أي تسويةٍ تكرس الاحتلال. وفي الوقت الذي تتحول فيه بعض العواصم العربية إلى ساحاتٍ للتفاوض الخانع، تتحول ساحات اليمن إلى منصاتٍ للخطاب الثوري، الذي يذكّر الأمة بأن النصر لا يُمنح، بل يُنتزع.

لكن اليمنيين لم يكتفوا بالهتاف، بل حوّلوا كلماتهم إلى رصاص، وخطاباتهم إلى صواريخ. لقد أدركوا أن الدعم الحقيقي لغزة لا يكون بالشعارات فقط، بل بالمواجهة المباشرة مع المحتل وحماته. فها هي حاملات الطائرات الأمريكية، التي طالما اعتبرت نفسها فوق القانون، تواجه اليوم تهديداً وجودياً في مياه البحر الأحمر.

الصواريخ الباليستية والمسيرات المفخخة لم تعد مجرد تهديدات نظرية، بل أصبحت كابوساً يومياً للأسطول الأمريكي، الذي وجد نفسه في موقفٍ لم يسبق له مثيل. لم يعد بمقدور أمريكا أن تتحرك بحرية في المنطقة، لأن اليمنيين قرروا أن يحوّلوا البحر إلى ساحة حرب مفتوحة.

ولم تتوقف المعجزة اليمنية عند البحر، بل امتدت إلى قلب الكيان الصهيوني نفسه. الضربات المتتالية على "يافا" ومحيطها لم تعد مجرد عمليات رمزية، بل تحولت إلى رسالة واضحة: "لن تكونوا آمنين طالما غزة تحت القصف".

لقد أثبت اليمنيون أن الجغرافيا ليست عائقاً أمام الإرادة، وأن الفقر والحصار لا يعنيان العجز. إنهم يكتبون بدمائهم درساً جديداً في المقاومة، درساً يقول إن الأمة لو أرادت، لاستطاعت أن تقلب موازين القوى، حتى لو بدأت من الصفر.

الغرب وحلفاؤه لا يخافون من المليونيات، ولا يخافون من الشعارات الثورية، لكنهم يخافون من شعبٍ يمتلك الإرادة التي حوّلت الفقر إلى قوة، والحصار إلى منصة انطلاق. إنهم يخافون لأن اليمنيين أثبتوا أنهم لا يعترفون بقدسية القوة الأمريكية، ولا بأسطورة "الجيش الذي لا يُهزم". لقد كسر اليمنيون حاجز الخوف، وها هم يكسرون حاجز العجز. إنهم لا يقاتلون فقط من أجل أنفسهم، بل من أجل كل مظلومٍ في العالم، من أجل غزة، وللأمة التي أنهكها الاستبداد والتبعية.

اليمن لم يعد مجرد نقطة على الخريطة، بل أصبح فكرةً تسير على قدمين، فكرةً تقول للأمة: "لا تيأسوا، فما زال فيكم من يرفض الموت". إنهم يذكروننا بأن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع، وأن الكرامة لا تُكتسب بالصمت، بل بالثورة. إذا كان العالم قد نسي غزة، فإن اليمن يجبره على تذكرها كل يوم. وإذا كانت الأنظمة قد استحمرت، فإن الشعب اليمني يثبت أن الأسودية خيارٌ لا يزال ممكناً.

اليمنيون لم ينزلوا إلى الشوارع ليُصوروا أنفسهم، بل نزلوا ليغيروا التاريخ. ولم يطلقوا الصواريخ ليكونوا أبطالَ الأخبار، بل ليُعيدوا للأمة كرامتها. إنهم يكتبون بدمائهم ملحمة العصر، ملحمة تقول: "لا مستحيل عندما يختار الشعب أن يكون أسوداً."

قوائم التشغيل
خطابات القائد