وتُعد تقنية النانو تكنولوجي واحدة من أهم الابتكارات التي أحدثت تحولًا جذريًا في المجال الطبي والصيدلاني، حيث توفر إمكانيات غير مسبوقة لتحسين توصيل الأدوية، وتقليل الجرعات، وتقليل الآثار الجانبي، ففي اليمن تواجه الصناعة الدوائية تحديات كبيرة تتعلق بالاستيراد والجودة والاستدامة، ويمكن لتبني تقنية النانو أن يكون نقلة نوعية تسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز القدرة التنافسية للصناعات الدوائية المحلية.

وفي هذا السياق، يقول رئيس قسم الصيدلانيات والصيدلية الصناعية بجامعة صنعاء الدكتور عبد الملك أبو دنيا إن أهمية تقنية النانو تكنولوجي في الصناعات الدوائية تكمن في الآتي:

1. زيادة الامتصاص الحيوي للأدوية:
   تمكن جزيئات النانو من تحسين امتصاص المواد الفعالة في الجسم، مما يعزز فعاليتها ويقلل الحاجة إلى جرعات كبيرة.
2. تحسين استهداف الأدوية:
   تتيح تقنية النانو توصيل الدواء إلى الخلايا المصابة فقط، دون التأثير على الخلايا السليمة، مما يقلل الآثار الجانبية ويحسن نتائج العلاج، خاصة في علاج السرطان والأمراض المزمنة.
3. إطالة فترة بقاء الدواء في الجسم:
   تساعد بعض تقنيات النانو في إبطاء إطلاق المادة الفعالة، مما يؤدي إلى تقليل عدد الجرعات المطلوبة وتحسين راحة المريض.
4. إمكانية استخدام مواد طبيعية:
   يمكن دمج النانوتكنولوجي مع الأدوية العشبية والنباتات الطبية لتحسين فعاليتها وزيادة استقرارها، مما يعزز الصناعة الدوائية في اليمن التي تعتمد جزئيًا على المستخلصات الطبيعية.

تحديات وصعوبات

وبخصوص التحديات والصعوبات التي تواجه قطاع الصناعات الدوائية في اليمن وكيفية معالجتها بتقنية النانو، يذكر الدكتور أبو دنيا جملة منها أبرزها:

- ضعف جودة المنتجات الدوائية مقارنة بالمستوردة: 

- يمكن لتقنية النانو تحسين جودة المنتجات المحلية من خلال تعزيز الامتصاص الحيوي وثباتية الأدوية، مما يجعلها منافسة للمنتجات المستوردة.

- الاعتماد الكبير على استيراد المواد الخام: 

- يمكن تطوير وحدات إنتاج المواد الخام النانوية محليًا باستخدام تقنيات النانو، مما يقلل التكلفة ويحد من الحاجة للاستيراد.

- نقص الأبحاث والتطوير في المجال الدوائي: 

- يتطلب تطبيق النانوت كنولوجي في اليمن استثمارًا في البحث العلمي، والتعاون مع الجامعات والمراكز البحثية لتطوير تقنيات تصنيع نانوية منخفضة التكلفة تناسب احتياجات السوق المحلية.

- ضعف التمويل والاستثمارات: 

يمكن تعزيز استثمارات القطاع الخاص في مصانع متخصصة بتصنيع الأدوية النانوية من خلال تقديم حوافز ضريبية ودعم حكومي للمشاريع الدوائية المعتمدة على النانو.

                                                                                                                     نماذج ناجحة لتطبيق النانو تكنولوجي

 ويشير الدكتور أبو دنيا إلى أن هناك نماذج ناجحة لتطبيق النانو تكنولوجي، منها:

- تقنيات النانو في علاج السرطان.

- تم تطوير نانو-كبسولات تحمل أدوية مضادة للسرطان، بحيث تستهدف الخلايا السرطانية بدقة، مما يحسن العلاج ويقلل الآثار الجانبية.

- أدوية لعلاج الالتهابات البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية

- تساعد تقنية النانو في تطوير مضادات حيوية أكثر فاعلية ضد البكتيريا المقاومة، وهو أمر مهم في مواجهة زيادة حالات العدوى المقاومة للمضادات الحيوية التقليدية.

- تحسين امتصاص الفيتامينات والمكملات الغذائية

- تم استخدام جسيمات النانو لزيادة امتصاص بعض الفيتامينات مثل فيتامين D وC، مما يعزز فعاليتها، خاصةً في علاج نقص التغذية.

وحول كيفية يمكن لليمن تبني تقنية النانو في صناعة الأدوية، يرى الدكتور أبو دنيا أن ذلك يحتاج إلى مايلي:

- إنشاء مركز وطني لأبحاث النانو في الأدوية

- يجب أن يكون هناك مركز بحثي متخصص يركز على تطوير تقنيات النانو وتطبيقها في الأدوية، بالتعاون مع الجامعات والمصانع الدوائية.

- إدخال تخصصات علم النانو في الجامعات اليمنية

- إدراج برامج تعليمية متخصصة في تقنيات النانو الصيدلانية لخلق كوادر قادرة على تطوير وإنتاج الأدوية النانوية محليًا.

تشجيع الشراكات الدولية والإقليمية

يمكن لليمن الاستفادة من تجارب إيران والهند والصين في تطبيق تقنية النانو، من خلال توقيع اتفاقيات تعاون لنقل التكنولوجيا.

- الاستثمار في مصانع أدوية متخصصة في النانو

- تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في إنشاء وحدات إنتاج نانوية ضمن المصانع الدوائية الحالية، مما يسهم في تصنيع منتجات أكثر تطورًا.

- دعم حكومي وتشريعي

- تحتاج الصناعات الدوائية النانوية إلى تشريعات جديدة تتناسب مع هذا المجال، بالإضافة إلى دعم مالي ومادي من الحكومة لإنجاح هذه المشاريع.