• العنوان:
    13 مارس خلال 9 أعوام..     24شهيداً وجريحاً في جرائم حرب لغارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    محافظات | 13 مارس |  المسيرة نت: منصور البكالي: واصل العدوانُ السعوديّ الأمريكي، يوم الثالث عشر من مارس خلال عامي: 2017م، و2019م، ارتكابَ جرائم الحرب، والإبادة الجماعية ضد الإنسانية، بغاراتِه الجوية المباشرة، على المنازل والاحياء السكينة، والمزارع، والسيارات المدنية في الطرقات العامة، والمحلات التجارية والأسواق، في محافظات مأرب، وصعدة، وحجة:
  • كلمات مفتاحية:

 أسفرت عن 8شهداء، و16 جريحاً، بينهم أطفال ونساء، وتدمير عشرات المنازل و5 سيارات، وعشرات المواشي، ومحطات الوقود والبنى التحتية، ومزرعة، وتريع المسافرين وتقييد حركة التنقل والتسوق وبيع المنتجات الزراعية، وإدخال المساعدات الإغاثية، والامدادات الغذائية والدوائية، وتفاقم المعاناة الإنسانية، في ظل صمت أممي لم يحرك ساكناً.

 

  وفيما يلي أبرز التفاصيل:

 

13 مارس 2017.. غارات العدوان السعودي الأمريكي على صرواح مأرب تترك ندوباً إنسانية واجتماعية عميقة:

 وفي اليوم والعام ذاته، أضاف العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب جديدة إلى سجل جرائمه المتواصلة كل يوم ضد الإنسانية في اليمن، مستهدفاً بعشرات الغارات    الجوية منازل وممتلكات المواطنين والمنشآت الخدمية الحيوية في مناطق متفرقة بمديرية صرواح محافظة مأرب، ما خلف كارثة إنسانية ذات أبعاد مأساوية، وفقاً لتقارير محلية وشهود عيان.

 الاستهداف المباشر للمنازل لعني استهداف للمدنيين ومحاولة لارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، وابادة الشعب اليمني، وأسفرت الغارات عن تدمير منازل كاملة، ونزوح أهلها منها معظمهم من النساء والأطفال الذين نزحوا خلال أيام سابقة، وباتت الجبال والكهوف والمزارع والخيام منازل بديلة لهم ، وباتوا يشاهدون منازلهم تدمر امام اعينهم ، وهم يخسرون حنين العودة إليها حال توقف العدوان على اليمن، لكن هذا الحلم الإنساني تبخر فيما العدوان مستمر إلى اليوم.

كما أدت الغارات إلى تدمير البنية التحتية، حيث طالت مستشفى ميدانياً ومدرسةً ومحطةً لتوزيع المياه، ما أدى إلى شل الخدمات الأساسية في منطقة تعاني أصلاً من تدهور حاد في القطاع الصحي والتعليمي بسبب سنوات العدوان المستمر. 

روى ناجون كيف تحولت لحظات حياتهم اليومية إلى جحيم: "لم نسمع سوى أصوات الانفجارات، ثم انهار السقف فوقنا. خرجنا من تحت الأنقاض لنكتشف أن جيراننا قضوا تحت الركام"، يقول أبو محمد، أحد الناجين الذي فقد ثلاثة أفراد من عائلته. 

يقول أحد الأهالي: "طيران العدوان دمر كل شيء، الأسواق والمحلات والمحطات والمنازل والبنية التحتية ، والمستوصفات والعيادات، الأهالي نزحوا من هنا، غارات العدوان حولت صرواح ومناطقها إلى ساحة حرب، وفق سياسة الأرض المحروقة".

  تداعيات إنسانية طويلة الأمد 

لم تقتصر تداعيات غارات العدوان على الدمار والخراب، بل امتدت إلى أنها تسببت بموجة نزوح جماعي، أجبرت مئات الأسر على الفرار من المنطقة دون مأوى أو غذاء، مما زاد من أزمة النزوح التي تعاني منها اليمن، والتي تُعد الأسوأ عالمياً وفق الأمم المتحدة، في ظل  انهيار الخدمات، جراء تدمير البنية التحتية التي تسببت في  حرمان آلاف المدنيين من المياه النظيفة والرعاية الطبية، ما يهدد بانتشار الأوبئة مثل الكوليرا، كما أسفرت عن صدمة مجتمعية  وتفكك النسيج الاجتماعي، حيث فقدت عائلات بأكملها معيلها، بينما يعاني الأطفال الناجون من صدمات نفسية عميقة. 

هذا وأدانت منظمات حقوقية، بينها منظمة العفو الدولية، الهجمات ووصفتها بـ"الانتهاك الفاضح للقانون الدولي الإنساني"، مشيرةً إلى أن استهداف المنازل والمرافق المدنية يشكل جريمة حرب، ومن جانبها، اتهمت السلطات المحلية في مأرب التحالف بـ"استخدام المدنيين كرهائن في معارك سياسية"، مطالبةً المجتمع الدولي بالتحقيق في هذه الانتهاكات. 

العدوان على اليمن لا يكسر الحجارة ويدمر المنازل والمنشآت فحسب، بل يحطم أحلام أجيال بكاملها، فكل غارة تُسقط الأمل مع القنابل، وتُذكّر العالم بأن الإنسانية تدفن تحت أنقاض الصمت الدولي، فمتى تتحول الشجب والاستنكار إلى خطوات فعلية لوقف نزيف الدم اليماني؟


13 مارس 2017.. 11 جريحاً بغارات عنقودية للعدوان على حارتي الريمي والخميس بصعدة:

في جريمة جديدة تضاف إلى سجل جرائم العدوان السعودي الأمريكي في اليمن، ألقت طائراته الحربية غارات عنقودية مباشرة، على منازل المواطنين في حيي الخميس والريمي بمدينة صعدة، يوم 13 مارس 2017م، ما أسفر عن جرح 11 مدنياً بينهم أطفال ونساء، ودمار واسع في الممتلكات، وتشريد عشرات الأسر التي فقدت ماويها، ومهددة حياة الناجين منها بمخاطر، جريمة بشعة تكرس استخدام أسلحة محظورة دولياً تُهدد مظاهر ومقومات الحياة، وتمتد بتداعيات ومخاوف إنسانية لا حدود لها.

 بعد انتهاء الغارات أحياء سكنية تتحول إلى ساحات رعب، أمام انتشار قنابل عنقودية لم ينفجر بعضها بعد، وهي من الأسلحة المحظورة بموجب اتفاقية دولية وُقّع عليها من 119 دولة، بسبب تسببها في إصابات عشوائية وتركها مخلفات قاتلة تظل قابلة للانفجار لسنوات. 

 هنا مشاهد التدمير والدمار، لمنازل عديدة كانت ملاذ أهلها، لكنها تحولت إلى اكوام وشوارع الحيين إلى ساحات من الركام، وسط مخاوف من معاناة النزوح والتشرد إلى غير وجهة ومرارتها، يقول أحد الجرحى: كنا في منازلنا آمنين اليوم نبحث عن خيمة تأوي أطفالنا، فقدنا كل شيء".

  "لم نكن نعتقد أننا سنخرج أحياء" روى أحد الناجين، كيف اخترقت شظايا القنابل جدران منزله: "سمعنا صوت تحليق الطيران، بادرنا بسرعة بالخروج من منازلنا على الفور، ولكن الغارات باغتت الكثير من الأسر، جرح ابني في ساقه، ونحن نخرج طرف حوش المنزل، لم نكن نعتقد أننا سنخرج احياء، وظللنا نحاول إسعافه بينما كانت القنابل العنقودية تنفجر حولنا، فجرحت زوجتي وطفلته الرضيعة". 

أحد الأهالي من جوار طفلة الجريحة في المستشفى يقول: "سلمان الله لا الحقه خير دمرن م فزعنا إلى البيت يشتعل قوارح، والأسرة 12 نفر ، جرح من أسرتي 7 كلهم أطفال وامهم ، وهذه الشظايا في رجل طفلتي ، وانا معتمد على علاج منذ عام، تضاعف فوق مرضي مرضين، زوجت مضرجة بالدماء الجراحات في كل جسدها، كانت خارج البيت رجت وأسرتي تحت الأنقاض، أخرجناهم بمساعدة الأهالي الله يجزيهم الخير".

 أمام هذه المخاطر الممتدة والتداعيات الإنسانية، وبقاء القنابل العنقودية ومخلفاتها بين الركام وفي المزارع والممتلكات، يعتبر جرحى وناجون اليوم، شهداء الغد، حيث حذّرت فرق محلية من أن عشرات القنابل الصغيرة غير المنفجرة تنتشر في المنطقة، مما يجعل عودة الأهالي إلى منازلهم بمثابة رحلة إلى الموت، وتعاني المستشفيات في صعدة من شحّ الإمدادات الطبية، ما يعرقل علاج الجرحى، خصوصاً مع استمرار العدوان والحصار على اليمن، وتفاقم حالات المرضة والمشوهين بالأسلحة المحرمة ، وحاجتهم للعلاج في الخارج، وهم بالألاف، كما يُعاني الأطفال الناجون من اضطرابات نفسية، وفقاً لعاملين في الصحة المحلية، الذين أكدوا أن كثيرين منهم باتوا يُعانون من تبول لا إرادي وكوابيس متكررة. 

وتُعتبر صعدة، من أكثر المحافظات اليمنية، تعرضاً للقصف الجوي لطيران العدو السعودي الأمريكي، منذ بدأ العدوان، ورغم مرور سنوات، لا تزال المدنية تُدفن تحت أنقاض غارات متكررة، فيما يُنظر إلى استخدام القنابل العنقودية كإستراتيجية لتجويع المجتمع وإرهابه، ومحاولة اجباره على النزوح. 

 وفي اطار ردود الفعل المحلية والدولية، خرج الشعب اليمني في وقفات احتجاجية مستنكر الجريمة ومعلنة نفيرها العام صوب الجبهات، وأصدرت  الأحزاب السياسية اليمنية المناهضة للعدوان ، ومنظمات المجتمع المدني بينات شجب وتنديد ، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك الجدي لوقف العدوان ورفع الحصار ومحاسبة مجرمي الحرب ، بدورها انحصرت المواقف الدولية في إدانات دون أفعال ، حيث وصفت منظمة العفو الدولية الغارات على الاحياء السكنية  بأنه "جريمة حرب"، مشيرةً إلى أن استخدام القنابل العنقودية في مناطق مأهولة يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني، من جهتها، ناشدت منظمة "رصد حقوق الإنسان" المجتمع الدولي الضغط على العدوان لوقف استهداف المدنيين، وفتح تحقيقات عاجلة في هذه الجرائم. 

كل قنبلة عنقودية تُلقى على اليمن لا تقتل الإنسان مرة واحدة، بل تُحول أرضه إلى ساحة ألغام تنتظر الضحايا الجدد، فهل يتحمل العالم صمتاً يُشرعن قتل الأطفال بلغم صامت تحت أقدامهم؟ أم أن ضمير الإنسانية سيستيقظ قبل أن تُزهق أرواح أخرى باسم الاطماع الاستعمارية، المقنعة بالصراعات الدولية والإقليمية في اليمن؟


    13 مارس 2019..13 شهيداً وجريحاً في 4 جرائم حرب متفرقة لغارات العدوان السعودي الأمريكي على سيارات ومزارع المواطنين بحجة:

وفي اليوم ذاته من العام 2018م، سجل العدوان السعودي الأمريكي، 4 جرائم حرب، متفرقة في محافظة حجة، تضاف إلى سجل جرائمه بحق الإنسانية في اليمن، حين استهدف بغاراته الجوية المباشرة مزرعة أحد المواطنين، في مديرية عبس، 4 سيارات مدنية عليها نساء وأطفال وخضار في مديريتي مستباء ، وقارة، أسفرت عن 8 شهداء و5 جرحى، وشل حركة النقل والتسويق وتشديد الحصار، على المناطق والقرى المختلفة، ومضاعفة معاناة اهالها، ونقص الخدمات والامدادات الغذائية والدوائية.

  الطريق إلى مستبأ محفوفة بالموت

الجريمة الأولى كانت على رحلة لم تكتمل حين حولت غارات العدوان سياراتي المواطنين حسين هادي، والمواطن أحمد جابر إلى قبور متنقلة، بمنطقة خذلان مديرية مستبأ، ما أسفر عن 7 شهداء و3 جرحى، أجساد الناجين مشوية أحرقت وجوههم، واقدامهم وأذرعهم، لو نظر أحد إلى المرآة لتمنى الموت على الحياة، أنها مشاهد قاسية تدمي القلوب وتقطع الاكباد.

كان الصباح الباكر في منطقة خذلان بمديرية مستبأ يحمل ذلك النقاء الذي يسبق عواصف الحرب، حسين هادي، أبٌ لأربعة أطفال، كان يهمس لابنه الصغير وهو يربت على كتفه: "سنعود قبل الغروب بحلب البقرة ونحضر الحلوى"، بينما كانت زوجته تضع كيساً من الدقيق وبعض الأدوية في السيارة العتيقة، إرث والده الذي رافقه 20 عاماً. على الطريق الموازي، كان أحمد جابر، يحمل على متن سيارته زيت ودقيق من حق المنظمة، وعليها نساء وأطفال، وهو يسوق بسرعةٍ متحفظة خوفاً من التعرجات في الوادي، فيما كان طيران العدوان يترقب وقت استهدفاهما، دون علم أيٌّ منهما أن اسمي سيارتيهما - اللتين حملتا أحلاماً بسيطة - سيدوّنان قريباً في سجلات الشهداء.

الشهداء هادي معصير وجابر أبو زيد و3 جرحى على متن السيارة الأولى، فيما السيارة الثانية لم ينجوا منها أحد، انتهت بالكامل، بغارات تمارس عمليات التطهير من الوجود والابادة الجماعية، مشهد السيارة الثانية وهي تحترق بما علها، وجمجمة هي ما تبقت على مقود السيارة، ومرآة محترقة بالكامل على بعد أمتار من هيكل السيارة، وزيوت المنظمة والقمح باتت جزء من النيران، ولا يستبعد المواطنين أن المساعدات باتت مصيدة لإبادتهم، كل هذه الصور لم تحرك ضمير العالم لوقف العدوان ورفع الحصار على الشعب اليمني ، وسرعة محاسبة مجرمي الحرب.

دقيقة واحدة.. حين تتحول السماء إلى جحيم 

 وفي سياق متصل بذات المديرية كانت الجريمة الثانية،  بينما كان احمد جابر في طريق العودة من سوق الهيجة، محمل بالخضار والفواكه، وفرح بحصوله على مساعدات لأسرته وأهل قريته، ويضع شاله على وجه أبنته الصغيرة التي رافقته في ذلك اليوم، كي لا تُغمى من حر الشمس، وهو ينظر إلى المزارع والحقول الزراعية على جانبي الخط العام ، ويلمح بكفه اليسار تحية السلام للمزارعين والرعاة ، اخترق صوت تحليق طيران العدوان السعودي الأمريكي، أجواء المنطقة، ملقياً غارات حقده الأسود على متن السيارة صواريخ وقنابل متفجرة ومدمرة، حولتها إلى كرة نار متفجرة في كل اتجاه، ودوامةً من النار والدخان، المتدحرج، وتناثرت الشظايا والاشلاء وقطع السيارة هنا وهناك، وسط صراخ المزارعين والنساء والأطفال في المناطق المجاورة، واستشهاد كل ممن كانوا على متن السيارة.

 يقول أحد شهود العيان: "بعد سماع صوت الطيران الحربي شاهدت السيارة تنفجر، الأجساد تتطاير منها في الهواء كقطعة قماش، بينما كانت السيارة تتحول إلى كتلة نحاس منصهر، هرعت إلى المكان أجد أمامي أشلاء ودماء جثث تتفحم أطفال ونساء يحترقون، ساعدت أحدهم بألقاء التراب على جسده لأطفأ النار، لكنني تأخرت فأزهقت روحه ، كان مشهد صادم للغاية، لم أفكر حينها انني في واقع، كنت أقول أنه حلم مريب".



مشاهد لا تُحتمل
: الأطفال الذين كانوا يلعبون على جانب الطريق هُرعوا نحو السيارتين المحترقتين، محاولين انتشال جثثٍ مشوهة، بينما صرخت امرأة عجوز تجلس تحت شجرة: "يا الله لا تقتربوا أخاف على أطفالي من غارات تالية، ما هذا يا عالم، أنقذونا السعودية تقتلنا دون محاسب".

  مسعفون بلا أمل: وصل متطوعون من الهلال الأحمر محمّلين بأكياس بلاستيكية بدلاً من القفازات الطبية، ينقلون الجرحى، بينما كان أحدهم يردد: "الموتى أكثر من الأحياء.. لن تكفي الأكفان، والأهالي يبادرون لمساعدتهم بتجميع الأشلاء في أكياس بلاستيكية وقطع قماش من الملابس والأثاث". 

   بحلول المساء، تحوّلت ساحة القرية إلى بحرٍ من الأبيض، سبعة أكفانٍ صغيرة رُصّت في صفٍّ واحد، بينما كانت النساء تنحن على جثمان حسين وأبنه وأحمد هادي ورفاقه وهن يرددن: " لقد فاز بفضل الله، ونوصي عيالنا ورجال اليمن بالنفير العام، ورفد الجبهات والتحرك الفوري للجهاد في سبيل الله، والدفاع عن المستضعفين"، فيما يرد أحدهم يا أماه لا تحزني دماء والدي لن تذهب هدراء، سنكمل التشييع والعزاء، واتحرك مع اصحابي إلى معسكرات التدريب جهزي لي البندق والجعبة والرصاص".

 الأطفال الذين لم يفهموا: وقف ابن أحمد جابر ذو الخمس سنوات يمسك بيد جده، يسأل: "لماذا ينام أبي في هذا الصندوق؟ ألم يعد يخاف من البرد؟"، فكان الرد صامتاً بدموع واهات من مسن يطبطب على ظهر حفيده، ويتحسس شعر رأسه، مخفياً الحقيقة، لا تهم يا ولدي هاك ألف اشتري لك ولأخونك حلوى من البقالة، دموع تُروي الأرض: لم تكن دموع الزوجات والأمهات سوى نقاطٍ في محيطٍ من اليتم، إحدى الأمهات، التي فقدت ثلاثة من أبنائها في هذه الجريمة، كانت تضرب وجهها وهي تصرخ: "لماذا تَركتَني أواجه الحياة وحدي، أين هم عيالي أريدهم أحياء؟!". 

 امام غارات العدوان تموت الحياة مع المسافرين، لأن السيارتان المحطمتان لم تكنا مجرد معدنٍ مشوّه، بل كانتا شرياناً للبقاء، وتصرفان على أسرتين، ومصدر لتوفير احتياجات العيش، ووسيلة مواصلات لعشرات العزل والقرى المجاورة التي لا يمتلك الغالبية من أسرها سيارة، ويعتمدون في سفرهم وشراء حاجاتهم ونقلها على سيارات جيرانهم. 

 مشاهد الجريمة اثارت الرعب في نفوس المسافرين ومالكي سيارات النقل والأجرة، وباتت الحركة على الطريق العام محفوفة بالمخاطر، فتوقفت حركة نقل الأدوية والغذاء إلى قرى مستبأ، حيث بات سائقو السيارات يرفضون المرور عبر "طريق الموت"، وبات مصير الجرحى والمرضى مهدد بالموت قبل الوصول إلى المستشفيات الخالية من المسكنات، وارتفعت أسعار المواد الغذائية، بعد أن صار توصيلها رحلةً تحت الطيران الغادر.

  الحرب لا تنتهي بانتهاء القصف: اليوم، ما زالت شظيةٌ عالقة في شجرةٍ عند موقع الجريمة، كشاهدٍ صامت على دماء سالت كأنها ماء، أما ابن الشهيد الأصغر، فقد جمع أوراقاً من دفتر مدرسته وكتب عليها: "أبي صار شهيداً في السماء يطير.. لكن طائرات العدوان من حرمتني الحنان" وهنا يبقى التساؤل كم طفل يمني، يجب أن يُدفع ثمنًاً للعدوان المستمر على بلدي ؟ وكم "أحمد" سينتظر العالم ليصرخ قبل أن يكتشف أن سيارات المدنيين في اليمن صارت توابيتَ تُغلّف بالدم؟!

 

  عبس: شهيد وجريح بغارات العدوان على مزرعة جلحوف

في الجريمة الثالثة، استهدف طيران العدوان مزرعة المواطن عبدالله هادي جلحوف منطقة الجلاحيف بمديرية عبس، ما أسفر عن شهيد وجريح، ونفوق عشرات المواشي، وتدمير السيارة ، واتلاف الأشجار، وترويع الأهالي، ومضاعفة المعاناة.

يقول أحد الأهالي: "في الصباح كان المزارع يحمل سيارته من جوار المزرعة، فجاء طيران العدوان واستهدفهم مباشرة، بغارات شملت المزرعة والسيارة والاغنام، ما في هنا سلاح ولا في شيء، حتى قصف البارجات لم يتوقف كان مواكب لقصف الطيران، نزحنا من خمس مناطق، ما معنا حاجة ننزح بها".

كانت شمس صباح ذلك اليوم في قريتي الجلاحيف وعبس بمحافظة حجة تلمع كعهدها بالسلام، لكنها سرعان ما اختفت خلف سحب الدخان الأسود. ففي لحظات، تحولت حياة عائلتين يمنيتين من هدوء الحياة الريفية إلى كابوسٍ دموي، بعد أن قرر "طيران العدوان الأمريكي السعودي" أن يكتب نهاية فصلٍ من قصتهما بأسلوبٍ لا يعرف إلا لغة الموت. 



 عبد الله هادي جلحوف، مزارع خمسيني، كان يُمسك بيد حفيدته الصغيرة بينما يهمس لها بحكايات عن أرضه التي رواها بعرقه طوال 30 عاماً، فجأة، اخترق صفير القذائف أجواء القرية، لتنهمر القنابل على مزرعته البسيطة، مُحولة إياها إلى حطامٍ مشتعل. 

 شهيدٌ لم يُكمل حكايته: سقط عبد الله شهيداً بين أشجار المزرعة ومراعيها، التي غرسها بيديه، بينما أصيب ابنه بجروح خطيرة. تقول زوجته بصوتٍ مكسور: "أخذوه من بين الأنقاض.. جسده كان ملطخاً بتراب أرضه التي مات دفاعاً عنها". 

 الجراح التي لا تُندمل: لم تكن الجراح الجسدية وحدها هي ما خلّفتها الغارة، فالحفيدة الصغيرة التي نجا جسدها من الشظايا، ما زالت تصرخ في الليل كلما سمعت صوت محركٍ في السماء. 

  رسالة من تحت الركام: "لا نريد شجباً ولا استنكاراً.. نريد طفولة لا تعرف صوت القذائف"، بهذه العبارة ختم الناشط اليمني محمد الحمران منشوره على فيسبوك بعد زيارةٍ للمنطقتين. أما عبد الله، الشهيد الذي صار رمزاً، فقد ترك وراءه رسالة غير مكتوبة: كل حبة قمح في أرضه المدمَّرة تُذكّر العالم بأن الحرب لا تقتل الإنسان فقط، بل تقتل الحياة ذاتها، وان العدوان الغاشم على اليمن لا بد من محاسبته على كل جرائم الحرب المرتكبة بحق الشعب اليمني. 

  قارة: جرح امرأة إثر استهداف غارات العدوان سيارتي أخوين على الطريق العام 

وفي صعيد متصل استهداف طيران العدوان سيارة ثالثة، ورابعة لمواطنين أخوين في الطريق العام بمديرة قارة، الساعة السادسة فجراً، أسفرت عن جرح أمهما، وفزع أهالي المناطق المجاورة، والمسافرين، ومضاعفة المعاناة، ونقص الامدادات الغذائية والدوائية، وتضييق الخناق على التحرك وحرية التنقل واسعاف المرضى والجرحى وتسويق المنتجات الزراعية.

 يقول سائق السيارة: "كنا راجعين من صنعاء، أنا وأخي حسان، ومعنا سيارتين، محملين خضرة ودجاج، ووصلنا منطقة ذو يحيى متجهين مديرية قارة، جنبنا على الخط جوار الجامع ونزلنا نصلي صلاة الفجر الساعة السادسة، وما سمعنا إلا تحليق الطيران، والاستهداف المباشر لسيارة بصاروخ ،  ونحن محملين طالعين نازلين ، وكان معي أمي داخل السيارة البيضاء، وأول ما ضربها طيران العدوان خرجناها، إلى جنب السيارة الثانية، وبعدها قمنا نسحب السيارة الأولى المقصوفة بالسيارة السليمة ، فعاد الطيران إلى المنطقة هربنا إلى حافة الجبل ونحن نحمل امي الجريحة ، فكانت الغارة  مباشرة على السيارة الثانية ، وكنا نستغيث وندعي الناس يسعفونا ، وما احد استطاع من الأهالي مساعدتنا ، كان الطيران محلق ، وبعد الساعة السابعة صباحاً، جاء طقم من حق المجاهدين واسعفنا إلى القفلة، وتم نقلنا إلى مستشفى فلسطين ، ومن ثم إلى مستشفى 48 بصنعاء".

- شظايا في الوجه والاقدام : اخترق صاروخ العدوان سيارة أبنها، التي نزل منها يصلي وتركها فيها، لتنزف المرأة التي لم تُكمل 35 عاماً، وتفقد وعيها بينما كانا  ابنيها يصرخان : اسعفوا والدتي ، لكن لا مجيب فالطيران عاود بالتحليق وباشر بالقصف ثانياً على السيارة الأخرى ، وتحول الجامع إلى مكان يحتمي به الأهالي ، والمسافرين ، ومن بقي على متن السيارة بات هدفاً ، يسجل باستهدافه جريمة حرب مكررة بحق الإنسانية والمرأة في آن واحد في اليمن دون أي صوت يناشد عدالة القانون والمجتمع الدولي والقيم والمواثيق والمعاهدات الإنسانية الزائفة ".

 الأم وصلت صنعاء للعلاج لكن سيارتي أبنيها تحولتا إلى كومة خردة، وفقدا مستقبلهما ورأس مالهما، وبدأت الحياة تسود في وجهها، حين لم تعد إلى بقية أبنائها واحفادها سالمة، ولم يستطيعا فلذتي كبدها تقديم لها يد الحماية، من غارات تسقط من السماء، وقت سجودهما في المسجد المجاور للطريق العام على بعد أمتار معدودة من أمهما الحنونة فوق سيارة أحدهما.

 ما بين السطور، حجة محافظة يمنية تئن تحت سطوة القصف، فليست هذه أول غارة تشهدها حجة، ولن تكون الأخيرة، فخلال سنوات العدوان، تحولت هذه المحافظة الفقيرة إلى رمزٍ للمعاناة الإنسانية، وامام استهداف ممنهج، المنازل، الأسواق، المزارع، وحتى سيارات المدنيين، كلها أهدافٌ في عين طيران العدوان، وبحسب تقارير محلية تؤكد أن 80% من ضحايا القصف في حجة هم من النساء والأطفال، لكن الأرقام تبقى مجرد "إحصاءات" في تقارير دولية لا تحرك ساكناً، رغم أكل المواطنين لأوراق الشجر.

سؤالٌ معلق في سماء اليمن: كم مزارع آخر يجب أن يُدفن تحت أشجاره؟ وكم سائق سيارة، يذهب نحو الموت؟ وكم فاطمةٍ ستخسر اليمن قبل أن يتحول العالم من "المتابعة" إلى "الفعل"؟ أسئلةٌ تظل عالقة بين دموع أمٍّ ثكلى، وأنين طفلٍ يحمل صورة والده الأخيرة على هاتف محمولٍ شبه مكسور.

 

 

 

 

 

قوائم التشغيل
خطابات القائد