هذا الشيخ الأزهري طاهر القلب من آفة التعصب ولاؤه لله وللرسول وللحق يُشير إلى أن اعتراف العرب بإسرائيل في سبتمبر سنة 1978 أعقبه فوراً قيام الجمهورية الإسلامية في إيران في يناير سنة 1979 وهي الجمهورية التي قامت على عداء المشروع الصهيوأمريكي مصداقا لهذه الآية الكريمة وللحديث النبوي الشريف فسبحان الله العظيم وبحمده.. فالشيخ الأزهري يتعجب من دقة القرءان ومن نبوءة النبي مستشعرا عظمة الله ودينه الحنيف واعظاً نفسه ومستمعيه.. 

لكن طهارة هذا الشيخ الأزهري من الرجس المذهبي تُعتبر استثناء في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي؛ لأن الجمهورية الإسلامية ومنذ نشوئها تتعرض لحملات ممنهجة إذ قرر الأعرابُ معاداتها صحبة عدد من المغفلين والقومجيين والمذهبيين صغار العقول والنفوس، هؤلاء وصل بهم التعصب والمرض انك إن قلت لهم تأملوا دقة آية الاستبدال ونبوءة النبي المُفسِّرة لها سيضطرون لإنكار المعنى الواضح وإنكار نبوءة النبي وربما إنكار السنة النبوية برمَّتِها خشية عواقب شهادتهم بالحق وحتى لا يتناول الشكُ مذهبَهم وطائفتهم.. وهم بهذه النفسية لن يضروا الله شيئا ولن يكونوا أمكر ممن كَذَّبَ النبيَّ وهو مكتوب عندهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.. 

وحتى لا نعمم الحكم ظلماً لا ننسى ان هناك رجالا أتقياء صالحين في كل الطوائف تفخر بهم أمّةُ محمد ولاؤهم لله وللحق وللإسلام أكثر من ولائهم للمذهب والطائفة رغم اعتزازهم بمذهبهم وعدم تفريطهم به كالشيخ ماهر حمود من لبنان وكمفتي ليبيا وكمفتي سلطنة عمان وغيرهم من العلماء الأجلاء والشخصيات الفكرية والسياسية والعسكرية والإعلامية في تونس والجزائر والسودان ومصر ومختلف البلدان، غفر الله لنا ولهم وجمعنا وإياهم في مستقر رحمته فيُنبئنا بما كنا فيه نختلف..

وطبعا في المقابل هناك تيارات وأشخاص جعلوا أنفسهم وقوداً للفتنة وأداةً للصهيونية يفرحون بالضربات التي يُوجهها الإسرائيلي لمحور الجهاد والممانعة علناً ويحلمون بأن تسحق إسرائيلُ حزبَ الله في لبنان وأنصارَ الله في اليمن وأن تتعرض إيران لضربات قاصمة ليرثوا حكم سوريا ولبنان واليمن وإيران والعراق وبذلك ستستأصل إسرائيلُ شأفةَ الشيعة نيابة عنهم ليبقى مذهبُهم ظاهراً لا يعنيهم بعد ذلك إن سادت إسرائيلُ أم لا.. المهم هو أن يسقط الشيعةُ لأن المذهب هو الأولوية بالنسبة لا الإسلام..

هؤلاء الحسدة الصغار قد ينبو بينهم عاقل ليحمل هَمَّ الكبار يوماً لكنهم سرعان ما سيتمالؤا عليه ويتكاثروا ليقمعوه ويردوه إلى قعرهم السحيق، لكن لعل أحدهم ينبو أكثر فأكثر فيغلب عليه الخوف من الله فلا يأبه لقمع أو ترهيب لأنه لم يَعُدْ يستجيزُ لنفسه أن يظل قاعداً متفرجا مُثبّطا شامتا وهناك من يخوض المعارك المصيرية نيابة عن الأمة ومستقبلها، وبعد تأنٍ وارتباك وهو يرى الأحداث تكشف الحقائق قرر بعد عام كامل من طوفان الأقصى وهو يشهد اغتيال إسرائيل للسيد حسن نصر الله ولمعظم قادة حزب الله وتفجير البيجر بآلاف كوادر حزب الله واغتيال عدد كبير من قادة إيران وعلماء إيران وضيوف إيران حتى تبدد كلُّ شك لديه بأن العداء حقيقي بين محور الجهاد والمقاومة وبين إسرائيل/أمريكا، في النهاية توصل صديقُنا الحائر أخيرا وبعد صراع مرير مع عقله وضميره إلى أن الوقت الآن غير مناسب للتحريض على محور الممانعة وللفتنة بين المسلمين وأن الوقت وقت وحدة إسلامية لمدافعة الصائل الصهيوني الذي استباح إبادة غزة بدم بارد وسيستبيح غدا غيرها حيث أعلن صراحة نيته إعادة تشكيل الشرق الأوسط بعد أن ترنّح حزبُ الله جراء الضربات المتتالية..

عام كامل حتى توصل صديقنا الحائر لهذه النتيجة المُبهرة..

عام كامل من التثبيط والطعن في الخاصرة والشماتة والمواقف السلبية..

لكن نقول له الحمد لله على سلامة الوصول واسمح لنا بعد هذا الفتح أن نوجه لك بعض الأسئلة التي أتمنى أن لا يضيق صدرك بها:

ما الذي ستفعلونه الآن بالضبط بعدما تغيرت عندكم الأولويات؟

هل ستتوقفون عن الفرح بمصاب شهداء الجهاد والاستخفاف بجهودهم فقط؟

أم ستذهبون بعيدا لتُعلنوا الجهاد ضد إسرائيل وتتحركوا فعليا كما تحركتم في سوريا بكل نشاط وجدية وكثافة؟

أم لا بد أن تأذن أمريكا لكم بذلك أولا؟

هل ستتوقفون عن تلقي الدعم الأمريكي (مباشرة أو عبر السعودية والإمارات وقطر)؟

أم لا بد من أخذ الموافقة من أمريكا أولا؟

هل ستتوقفون عن مواجهة محور المقاومة عسكرياً في سوريا وفي اليمن وفي العراق وفي لبنان بدعم أمريكي ومباركة أمريكية؟

أم تحتاجون استئذان أمريكا قبل ذلك؟

هل ستتوقفون عن استخدام لغة طائفية تُخالف توجيه الله تبارك وتعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"؟

أم ستؤجلون العمل بهذه الآية إلى أن تصدر بها فتوى شرعية من ضابط السي آي أي الملتحي الذي يُحدد لكم الأولويات ويختار لكم ساحات الجهاد ومواعيده؟

كما يُوجهكم اللهُ تبارك وتعالى قائلا: *"إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"* بينما أنتم تستلهمون معطياتكم من الأعراب فلا يُستغرب الضلالُ الذي وصلتم إليه!

لقد أصبح الأعراب هم مرجعيتكم السياسية والمعلوماتية سلمتم عقولكم وقلوبكم لهم وهم الذين وصفهم الحق تبارك وتعالى بأنهم "الأشد كفرا ونفاقا" ووصفهم النبي بأنهم "قرن الشيطان" و"منبع الزلازل والفتن" فما أبقى لكم حجة حين تلقونه؟

كل المعطيات التي تُجادلون بها وتبنون عليها أحقادكم الشائنة بشأن الثورة السورية وبشأن اليمن وبشأن لبنان والعراق وإيران تأخذونها من أفواه الأعراب وأبواقهم سواء كانت دسائس استخبارية حقيرة أو منابر مذهبية ممجوجة أو قنوات إعلامية مسمومة تُتقن التضليل والألاعيب الدينية والأخلاقية والمعلوماتية.. سمحتم لها أن تتلاعب بكم حيث تعلمون علم اليقين ان هذه المنابر التي تتحكم بها السعودية والإمارات وقطر جزء ظاهر غير خفي من النفوذ الأمريكي.. كيف لا والقواعد العسكرية الأمريكية على بُعد أمتار فقط من مَخادِع حكامِها تتحكم بهم تحكماً عسكرياً مُباشراً - بحيث لا يخفى عليكم انهم مجرد أدوات لها كما لا يخفى عليكم أن أمريكا هي الوجه الآخر لإسرائيل وهي رأس المشروع الصهيوني الذي يقوم على زرع الفتنة وتأجيجها وشغل الأمة ببعضها ليصفو لها الجو..

فكيف تتجاهلون كل هذه المعطيات وأنتم تشهدون؟

ألم يعد لله في قلوبكم مهابة؟

بالنسبة لخط الجهاد والممانعة نحن في مواجهة مباشرة نُجابه المشروع الصهيوأمريكي فعلياً فنَقتُل ونُقتَل لا نبالي بكم ولا بموقفكم إلا من باب إلزام الحجة عليكم وعلى الناس فهذا هو مناط تكليفنا مع التأكيد على اننا لا نُعوّل كثيراً على أنكم ستفهمون أو ستتركون خيانة الإسلام أو توجيه الطعنات للمجاهدين أو ستصحو ضمائركم لأن الأمور واضحة واضحة ولأن الله تعالى قد أخبر في محكم بيناته ان القلة فقط ناجية وأن الكثرةَ ضالة مُضلّةٌ هالكة، نسأل الله التوفيق والهداية والثبات..

ومعلوم أنكم غثاء لا تتحركون إلا في الفتن وبالفتن ومن أجل الفتن بإيعاز من الطاغوت، أما حين يجب عليكم التحرك ضد طاغوت أمريكا وإسرائيل تعتذرون بالعجز وبالضعف وبقلة الحيلة وبفقه الضرورة، ثم وقت الفتن تنشطون وتُسرعون وتتحمسون، فالله المستعان عليكم.. شاهت الوجوه.. أنتم خوارج هذا الزمن وأنتم روافضه وأنتم نواصبه جمعتم الذم الشرعي من أطرافه.. ركنتم إلى أمريكا تتلقون دعمها دون وخزة ضمير وترضون أن تكونوا حطباً في محرقتها بحيث لا يظهر مناضل شريف إلا ويتم تسليطُكم عليه لكن بعناوين مختلفة لتخدعوا أنفسكم وأتباعكم بها كـ"الشرعية ورفض الانقلاب في اليمن- الحرية والثورة في سوريا - الدولة وسيادتها في لبنان- الصحابة وأمهات المؤمنين في العراق" وغيرها من العناوين المتناقضة التي تُوقدون بها الفتن وتنفّذون بها المشروع الصهيوأمريكي التفتيتي، لكنكم إن خدعتم أنفسكم وأتباعكم بها فلن تخدعوا الله، وموعدنا وإياكم هو يوم القيامة يوم لا يُخزي اللهُ النبيء والذين آمنوا معه.. وما أسرع الاجتماع فيه!

هذا والله المستعان هو نعم المولى ونعم النصير