المكبّرون الأوائل.. حكايات تروي إرهاصات ومحطات صمود الشعار في وجه المستكبرين [الحلقة 14]
آخر تحديث 06-05-2025 01:15

خاص | 06 مايو | منصور البكالي | المسيرة نت: في رحاب اليمن الشامخ، وبين جبال صعدة الصامدة، بزغت فكرة عظيمة غيرت وجه التاريخ، أعادت الأمة إلى مجد ما قبل 1400 عام، وأذابت في طريقها كل خطط ومؤامرات الأعداء، وكشفت زيف العقائد الباطلة والثقافات المغلوطة.

إنها بذرة مشروع قرآني جهادي، أعاد غرسها في تربة الأمة الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه. كان ماجد المطري، أحد طلابه النجباء، شاهدًا على تلك البدايات المتواضعة، وشريكًا في حمل لواء الصرخة الأولى، التي دوت في وجه قوى الاستكبار العالمي.

 يسترجع المطري تلك الأيام الخوالِ، قائلاً بصوت يقطر إجلالاً: "كان سيدي ومولاي الحسين، ببصيرته النافذة، يرى واقع الأمة مزرياً، ارتداداً عن هدي القرآن، واستضعافاً وذلةً لم يسبق لها مثيل، وبعداً عن الله بلغ مبلغاً عظيماً"، تلك الرؤية الثاقبة، وهذا الألم العميق على حال أمته، كان الوقود الذي دفع الشهيد القائد لإطلاق مشروعه القرآني، ساعياً لإنقاذ الأمة من وهدتها، وإعادتها إلى صراط النور المحمدي الأصيل.

بدأت المسيرة المباركة بتقديم دروس تثقيفية قرآنية خالصة، لا تشوبها شائبة من عصبيات مذهبية أو حزبية، او طائفية، سواء في مجلسه العامر أو في رحاب مدرسة الإمام الهادي عليه السلام.

كان الهدف واضحاً: بناء وعي قرآني راسخ في نفوس المجتمع، لأنه أدرك أن التحرك بكتاب الله وحده هو الكفيل بتحطيم القيود، والجدران التي عزلت الامة عن خالقها ودينها ونبيها ومصالح شعوبها وكرامتها، المنشودة، فالقرآن ليس مجرد كتاب للترتيل، بل هو منهاج حياة عملي، يرسم الخطط ويقدم الرؤى في مواجهة الأعداء، وافشال المؤامرات.

 

وما إن لاحت تباشير الوعي القرآني في أذهان ثلة مؤمنة، وإن كانت قليلة العدد، حتى انتقل بهم الشهيد القائد إلى مرحلة التطبيق العملي، إلى تجسيد تلك الثقافة القرآنية في واقع الحياة، فكانت "الصرخة المدوية" أولى خطوات هذا التجلي، الهتاف المزلزل الذي اخترق أسماع المستكبرين: "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام"، ولم يكن هذا الشعار مجرد كلمات عابرة، بل كان تعبيراً صادقاً عن رفض الظلم والاستكبار، ورافقه مشروع عملي آخر، هو مقاطعة البضائع والمنتجات الأمريكية والإسرائيلية، كسلاح اقتصادي فاعل في وجه الطغاة.

يصف المطري تلك المرحلة بأنها "بداية ترديد الصرخة في وجه المستكبرين، وإطلاقها العملي في ميدان المواجهة"، ويضيف أنها تضمنت أيضاً "توضيح خطورة الثقافات المغلوطة، والعقائد الباطلة التي عصفت بهذه الأمة وأركعتها تحت أقدام اليهود والنصارى". لقد فضح الشهيد القائد تلك الأباطيل التي دجنت الأمة للظالمين تحت ستار الدين، وكشف زيف الروايات الكاذبة التي سعت لتكريس الاستبداد.

وعندما قدم الشعار لطلابة والمكبرين معه، كان يسألهم ببساطة: "أليس ترديد الشعارعملاً سهلاً؟" لكنه في قرارة نفسه كان يدرك عمق هذا الشعار وخطورته على أعداء الله، لأنه مستمد من صميم القرآن الكريم، فكل عبارة فيه تحمل دلالات قرآنية أصيلة.

ويتذكر المطري كلمات الشهيد القائد التي زرعت فيهم اليقين: "لا تستبسطوا مثل هذه الأعمال، الأحداث ستشهد لهذا، وستأتي شواهد في المستقبل تشهد وتدلل على عظمة وجدوى هذا العمل"، وها هي الأيام تثبت صدق نبوءته، فأمريكا بكل جبروتها لم يسبق لها أن شكت من أحد كما شكت من هذا الشعار المبارك، الذي أرق مضاجعها وكشف زيف قوتها في المنطقة، وإذا فشلت أمريكا في اليمن، ذات الموقع الاستراتيجي والأهمية الثقافية، فإن فشلها في بقية المنطقة سيكون حتمياً.

أما اليهود، فهم يدركون تمام الإدراك خطورة العودة إلى القرآن الكريم، فهم أهل كتاب سابقون يعرفون جيداً قوة الحق وأثر الثقافة الإلهية. لذا، لم يتوانوا منذ اللحظة الأولى عن التآمر على هذا المشروع القرآني المبارك، لأنه يمتلك كافة المعايير الصحيحة التي تهدد وجودهم القائم على الباطل. ما أزعجهم وأقلقهم هو ارتباط هذه المسيرة بالله مباشرة، فمن يرتبط بالله ويتثقف بثقافته يسير على منهجه، والله ناصره ومؤيده، والقادر على جعله عزيزاً في أرضه.

خطط اليهود الخبيثة تقوم على إبعاد الأمة عن الله، ليسهل ضربها من جهتهم، لكنهم غفلوا عن حقيقة أن هذا المشروع أراد الله له أن يظهر وينتشر، وكما كان يقول الشهيد القائد: "إن هذا العمل هو من النوع الذي يدافع الله عن أصحابه".

ويتذكر المطري كيف تحرك السفير الأمريكي آنذاك لإخماد هذا الصوت الصادق، فاعتقل المكبرين، ومسح شعارات الصرخة من الجدران، وشن حملة واسعة للقضاء عليه، لكن إرادة الله كانت أقوى. ففي بداية التحرك ضد الشعار في الجامع الكبير، حين اعتقلوا العديد من الشباب، خرجت أسر بكاملها للهتاف بالصرخة من أسطح المنازل، تنفيذاً لتوجيهات الشهيد القائد. والمفارقة العجيبة أن أول منزل انطلقت منه الصرخة كان الأقرب إلى السفارة الأمريكية، وكأن الله أراد أن يسمعهم هذا الصوت الحق من أقرب مكان إليهم.

وفي أحد أيام الخميس، بعد انتهاء درس للشهيد القائد، كان إلحاحه شديداً على ضرورة التحرك لترديد الشعار في جامعي الإمام الهادي والكبير، حتى أنه حدد أسماء بعض المدرسين والشخصيات الهامة، مؤكداً عليهم ضرورة التحرك. ورغم الظروف المالية الصعبة، ساهم الشهيد القائد شخصياً بدفع أجور سيارات لنقل الشباب، إيماناً منه بأهمية هذه الخطوة.

 تحرك المؤمنون صباح يوم الجمعة، متوكلين على الله، لتنفيذ التوجيهات بحذافيرها. وعند وصولهم إلى منطقة الخفجي، تلقوا تعليمات بدخول الجامع فرادى لتجنب لفت الانتباه. لكن ما إن وصلوا إلى مشارف مدينة صعدة، حتى بدت التحركات الأمنية والعسكرية غير طبيعية، وانتشر الجنود بكثافة حتى فوق أسطح المنازل المحيطة بجامع الإمام المهدي، وكان التفتيش دقيقاً على البوابة.

داخل الجامع، انتشر المجاهدين المكرين  في صفوف متفرقة، يراقبون الوجوه المدنية والعسكرية، وأجهزة الاتصالات اللاسلكية في أيدي البعض، وحركات غير مألوفة، وقبل بدء الخطبة، هدأ الجامع فجأة، وإذا بالرئيس آنذاك "علي عبد الله صالح" يتقدم الصفوف الأولى، محاطاً بقيادات الدولة.

لحظات عصيبة مرت على المكبرين ، تفكير مضطرب: كيف سيفعلون؟ ماذا سيحدث؟ لم يستمعوا لكلمات الخطيب، كانوا في معركة داخلية، هل سيتراجعون؟ هل سيضعفون؟ فكل الخيارات كانت مفتوحة على مصراعيها: السجن، القتل، الاختفاء القسري، فإهانة رأس الدولة لم تكن بالأمر الهين.

لكن هنا تجلى التوفيق الإلهي، واللطف الرباني، والسكينة التي نزلت على القلوب. وفقهم الله لإطلاق الصرخة بأيدٍ قوية وأصوات مدوية، حرصوا على أن يسمعها الجميع، فكانت أعظم صرخة في حياتهم، شعور لا يوصف بقيمتها وروحانيتها وأثرها الإيجابي، إحساس بعظمة الموقف وجلالة الشهيد القائد وقوة الحق في مواجهة الباطل.

عقب الهتاف، ضج الجامع بالصراخ والهرج والمرج، والبعض سقط مغشياً عليه من هول المفاجأة، والمصلون يكادون يصيحون خجلاً من الرئيس، لكن علي عبد الله صالح نهض ساخراً وقال: "اتركوهم يصيحوا.." فردد المؤمنون الشعار ثلاث مرات، ثم صلوا، لكن الشعور كان قد تغير تماماً، وكل واحد يحاول النجاة بنفسه وسط الزحام والتشديد الأمني.

خرج الشباب المكبرين  من الجامع فرحين بنصر الله، وركبوا سياراتهم، وهم يرددون الصرخة على طول الطريق من الخفجي حتى الجميمة. وعندما وصلوا إلى الشهيد القائد، حمد الله وشكره وأثنى عليه، واعتبر أن هذا العمل هو مجرد خطوة أولى في مسيرة جهادية طويلة، ولم يربهم على الغرور، بل على استشعار التقصير الدائم أمام عظمة المسؤولية.

يصف  هدف الشهيد القائد بأنه كان "تقديم صورة واضحة أن هذا العمل لا علاقة له بالدولة كلها، ولا بالنظام كله، بل هو عمل سيفيد النظام لو كان من يقوم على رأسه يستوعب قيمه وعظم هذا العمل كله". كما كان يهدف إلى كسر حاجز الخوف لدى الناس، وإيجاد دفعة قوية لترديد الشعار وتثبيتهم، فبعد كسر حاجز الخوف مع رأس السلطة، لم يعد هناك ما يخيفهم. ولم يكن ترديد الشعار تحرشاً، بل كان إبراءً للمسؤولية أمام الله، وإيصالاً لرسالة كان الشهيد القائد يعرف آثارها الإيجابية في تقوية روح اتباعه وتأهيلهم لمواقف عملية أقوى في المستقبل.

ويوضح  أن الشهيد القائد أراد من خلال هذا الشعار أن يفتح باب الأمل أمام الشعوب المستضعفة الواعية لتنهض بمسؤوليتها، وأن يقدم رسالة واضحة بأنه "لا رهان على الأنظمة العربية" في مواجهة أمريكا وإسرائيل، خاصة بعد أحداث أفغانستان والعراق وغيرها. وها هو الواقع اليوم يشهد على صدق رؤيته، ففي ظل جرائم الإبادة الجماعية في غزة وسوريا ولبنان، لم يتبقَ غير محور المقاومة الذي يقدم المواقف المشرفة أمام الله والأمة.

وقد قال الشهيد القائد في بداية المسيرة بثقة: "اصرخوا بهذا الشعار، وستجدون من يصرخ معكم ويردده معكم في أماكن أخرى". وفعلاً، تلك اليد التي رفعت الشعار أول مرة، تبعتها ملايين الأيادي التي ترفعه اليوم في كل مكان.

ويؤكد المطري بفخر: "بفضل الله ورعايته أصبح شعار الصرخة اليوم صوتاً عالمياً. الشعار الذي كان يُحارب بمستواه الصغير، أصبح اليوم يُكتب ويُعلق على لوحات جدارية كبيرة جداً، ويُرفع في اليمن وغيره. فهذا الهتاف المبارك ليس صوتاً طائفياً ولا مذهبياً ولا قروياً، وإنما صوت قرآني تحتاج إليه كل الشعوب الحرة والتواقة للحرية والاستقلال: الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام".

 

 

 

إداناتٌ عربية وإسلامية للعدوان "الإسرائيلي" تؤكدُ التضامنَ مع اليمن
متابعات | 6 مايو | المسيرة نت: لقي العدوانُ الأمريكي "الإسرائيلي" على اليمن، إداناتٍ عربيةً وإسلامية، أكَّدت تضامنَها المطلق مع الشعب اليمني الذي لن يتوقف عن إسناد غزة حتى وقف العدوان ورفع الحصار عنها.
إداناتٌ عربية وإسلامية للعدوان "الإسرائيلي" تؤكدُ التضامنَ مع اليمن
متابعات | 6 مايو | المسيرة نت: لقي العدوانُ الأمريكي "الإسرائيلي" على اليمن، إداناتٍ عربيةً وإسلامية، أكَّدت تضامنَها المطلق مع الشعب اليمني الذي لن يتوقف عن إسناد غزة حتى وقف العدوان ورفع الحصار عنها.
الأخبار العاجلة
  • 7:41 PM
    مصدر محلي في مدينة #الدريهمي المحاصرة: قصف مدفعي عشوائي للغزاة والمرتزقة على منازل وممتلكات المواطنين في المدينة
  • 8:45 PM
    #الحديدة: قوى العدوان تقصف بأكثر من 23 قذيفة مدفعية على أماكن متفرقة من منطقة #الفازة بمديرية #التحيتا
  • 9:09 PM
    #الحديدة: إسقاط طائرة تجسسية للغزاة والمرتزقة في أجواء #الدريهمي أثناء تنفيذها لمهام عدائية
  • 9:17 PM
    مصدر حكومي لصحيفة المسيرة: زعم حكومة المرتزقة أنها تلقت رسالة من البنوك في صنعاء تعتذر عن قدرتها على صرف مرتبات يأتي ضمن أكاذيبها ومساعيها للتنصل من اتفاق السويد
  • 9:18 PM
    مصدر حكومي لصحيفة المسيرة: لم يسبق لحكومة المرتزقة أن حولت المرتبات عبر البنوك في صنعاء، بل قامت بالتعاقد مع مصرف الكريمي حصراً