بين يدي القائمين على الصحة في اليمن

يوسف الحاضري

بين يدي القائمين على الصحة في اليمن (المجلس السياسي الأعلى-الحكومة-وزارة الصحة) منح المنظمات التي تقدم للصحة قادرة على استنهاض الجانب الصحي بشكل كبير!! فهل من شريف يدرك ذلك؟؟

بين يدي القائمين على الصحة في اليمن (المجلس السياسي الأعلى-الحكومة-وزارة الصحة)

منح المنظمات التي تقدم للصحة قادرة على استنهاض الجانب الصحي بشكل كبير!! فهل من شريف يدرك ذلك؟؟

انتهى عام2017م بكل ما فيه ومما كان فيه أنها كانت أسوأ السنين على الأداء في الجانب الصحي اليمني والذي بطبيعة الحال كان العدوان سببه الرئيسي والأول ولكن ليس الأخير فهناك أسباب كثيرة أدت لهذا السوء على رأسها "فساد بعض القائمين على وزارة الصحة"!

نعم فساد بعض القائمين على الوزارة حتى وإن كانت بدون ميزانية كنتيجة من نتائج الحصار الاقتصادي على اليمن منذ1035يوما وما زال مستمرا حتى اليوم ولكن نحن نتكلم عن دعم المنظمات العالمية للقطاع الصحي بمبلغ مالي يقارب ميزانية الوزارة في ظروفها الطبيعية والتي بلغ إجمالي ما صرفتها المنظمات على الصحة في اليمن في 2017م (حسب أقوال بعض العاملين في الوزارة) أكثر من (700 مليون دولار) نعم هذا المبلغ التي صرفتها المنظمات على القطاع الصحي أي ما يوازي (مائتي مليار ريال يمني على حساب الدولار=250ريال) و (300 مليار ريال يمني على حساب الدولار=400ريال).

رغم هذا المبلغ الهائل الذي تم صرفه على القطاع الصحي إلا أن الجميع يتفق على أن الجميع لم يلمس أي خدمة حقيقية قدمت لهم، فلا مستشفيات حكومية تم إعانتها أعانة حقيقية ولا مراكز صحية تم تشغيلها وتفعيلها ولا مراكز علاج تخصصي كالأورام والغسيل الكلوي تم دعمها لتستمر دون توقف ولا برنامج إمداد دوائي تم دعمه ليواصل تقديمه خدماته العلاجية للمرضى وللمستشفيات ولا أي شيء من ذلك لمسناه، بل كانت جل صرفياتهم على قشور خارجية وبرامج كرتونية لا ترتقي إلى وضع صحي يمر به اليمن تحت عدوان وحصار عالمي، فلو ألقينا نظرة سريعة إلى أين تذهب هذه الأموال سنجد معظمها تصرف كالتالي:-

-جزء كبير منها يتم صرفها كرواتب موظفي المنظمات هذه مع مكافئات لوزراء ووكلاء ومدراء برامج للوزارات التالية(الصحة-التخطيط-المياه-وغيرها) بجانب (موظفين في رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية ذات علاقة بهذا الجانب)

- جزء كبير يتم استنزافه فيما يسمى دورات وندوات ومؤتمرات وفعاليات تكون نهايتها أوراق وأقلام وشراب برتقال وكيك وشاهي حليب يحصل عليه الحاضرون في هذه الفعاليات.

- جزء منها يتم صرفه كمكافئات وبدل سفر للعاملين في المنظمات والمتطوعين والمتعاونين وغيرهم.

-جزء كبير منها يتم صرفها في مشاريع ليس لها علاقة بالوضع الصحي الحالي في اليمن كبرنامج التحصين والذي ينفق عليه مليارات من الريالات والذي يكون فيه الطفل الذي لا يحصل على لقاح احتمال أن يصاب بأي مرض بعد 3إلى5سنوات ويمكن تفادي إصابتهم خلال هذه المدة بينما هناك اطفال يموتون يوميا بالعشرات جراء انعدام علاج السرطانات او تجهيزات في مستشفيات يعوزونها أو غير ذلك.

-مشاريع كرتونية كارثية تحت مسميات كبيرة مثل مشروع مكافحة مرض الكوليرا الذي تفشى في اليمن خلال2017جراء العدوان والتدمير للبنية التحتية وكان المشروع هذا عبارة عن توزيع (صابونة) للبيوت والذي أنفق عليه ما يزهو عن 4مليار ريال يمني وما خفي كان أعظم!!

نعم، هكذا يتم استنزاف ميزانية اليمن من المساعدات الخارجية في كل الجوانب وليس في الصحة فقط، رغم أن مبلغ كهذا يمكن ان يقوم القطاع الصحي بكل جوانبه بل يمكن لهذا المبلغ أن يعطى منه رواتب ال48ألف موظف في القطاع الصحي الذي انقطع عنهم الراتب أسوة ببقية موظفي الدولة منذ نهاية2016م جراء قيام الأمم المتحدة مع التحالف ومرتزقتهم في اليمن بنقل البنك من صنعاء إلى عدن.

ما أسباب هذه العشوائية والتلاعب بالمبالغ المالية الكبرى هذه؟

مازالت تسيل لعاب كثير من المسئولين في اليمن عندما يسمعون كلمة (منظمة) من منطلق أنها ستأتي لهم بالدولارات وهم يعلمون أن المنظمات مستعدة أن تصرف لهم أي مبالغ مالية من منطلق حرص المنظمات على عدم نجاح أي مشروع حقيقي مع صرف المبالغ كاملة ليبقى عملهم جاريا ويبقى الشعب اليمني محتاجا لهم، فسيلان اللعاب لم يؤرقه سيلان الدم اليمني اليومي ولا سيلان أرواحهم إلى السماء ولم تحرك فيهم قيد أنملة من مسئولية على الإطلاق، تائهون في التفتيش عن مكامن حصد الأموال تلو الأموال ويمكن للمتابع أن يطلع على الصراع المحتدم والمستمر بين الجهات الحكومية ذات العلاقة بالمنظمات ليعرف ذلك، فوزارات الخارجية والتخطيط والصحة ومكاتب رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية وغيرهم لديهم جميعا ارتباطات مباشرة مع كل منظمة من هذه المنظمة وعليكم ان تتابعوا كيف تقوم المنظمات بتشبيك علاقات مع كل هذه الجهات ، عوضا عن أنه تثور ثائرة اي جهة من هذه الجهة عندما يتبادر إلى مسامعها ان هناك توجه ما إلى سحب صلاحياتها من التواصل والارتباط بهذه المنظمة او تلك ويجن جنونها وتقاتل قتال ربما لو كانت في جبهة من الجبهات ما تكون بنفس الشراسة في ذلك، عوضا عن اسباب اخرى كالبرامج الهشة التي تقدمها الوزارة للمنظمات والبرامج الجانبية التي ليست ذات أولوية على الإطلاق والتي يعلمون في الوزارة ان هذه البرامج تسعد المنظمات ولا يرفضونها على الإطلاق بل يرحبون بها أيما ترحيب فيتوددون للمنظمات بهذه المشاريع لأنهم ربما يحصدون بعدها آلاف الدولارات على حساب استنزاف ملايين الدولارات.

كيف يمكن لنا أن نستفيد من هذه المنح؟

يمكن أن نوجهها توجيها سليما كالتالي:-

-رواتب للعاملين في القطاع الصحي البالغ عددهم 48ألف والذي سيتم صرف حوالي (48ألف موظف×60ألف راتب شهري كمتوسط×12شهرا=35مليار ريال يمني فقط) من أصل 300مليار ريال كمنحة سنوية) وهذا يعني أن الطبيب والعامل الصحي والإداري سيرجع إلى عمله في مركزه الصحي او مستشفاه وبهذا يتم اعادة تفعيل هذه الأماكن التي تقدم الخدمات ويبقى ينقصها بعض المستلزمات والأدوية والتي سيتم توفيرها من المبلغ المتبقي والبالغ 260مليار ريال يمني.

- يتم صرف مبلغ 20مليار ريال يمني للبرنامج الإمداد الدوائي والذي يقوم بتوفير الأدوية للمراكز المتخصصة كالأورام والغسيل الكلوي وتوفير أدوية السكري والضغط والقلب وأدوية المستشفيات والعمليات وغيرها.

-20مليار ريال يمني ايضا يتم صرفه على اعادة تأهيل المستشفيات والمراكز التي تم تدميرها وصيانة الأجهزة في المستشفيات.

-20مليار ريال يمني يتم فيها ايضا شراء أجهزة هامة للمستشفيات الكبرى التي يعوزها الكثير جراء العدوان والحصار.

- يتم إيقاف برنامج التحصين الموسع من بيت الى بيت هذا العام فقط والاكتفاء بالتحصين الاعتيادي المتوفر في المراكز وايضا ايقاف بقية البرامج الجانبية كتنظيم الاسرة وتحديد النسل وشراء الواقيات واللوالب وحبوب منع الحمل فما قد تم ادخاله لليمن خلال السنين الماضية ستكفي الولد وولد الولد!!

- يتم تحديد 10مليار ريال للمشتقات النفطية للمنشئات الصحية لتوفير الكهرباء ووسائل النقل للعاملين فيها

-تحديد10مليار ريال تكون في برنامج مجانية التوليد ويتم تحديد في كل محافظة مستشفى معين يكون التوليد المجاني فيه عبر هذه المبالغ

- يتم تحديد 20مليار أخرى للطوارئ ومكافحة الامراض الوبائية كالملاريا والضنك والكوليرا واي امراض قد تظهر

وبهذا سنصل في نهاية المطاف إلى اننا سنصرف حوالي (140مليار ريال فقط من اصل 300مليار ريال) وسيتبقى حوالي160ليار ريال تتصرف بها المنظمات مع الفاسدين التابعين لها كيفما يريدون وسنوقع لهم في صرفياتهم ليخلوا العهدة المالية، وبهذا ستقوم الوزارة باستنهاض الجانب الصحي في هذه الظروف استنهاض لا بأس به وفقا لظروف البلاد والحصار والعدوان وستخفف من نسبة الوفيات جراء تدهور الجانب الصحي بشكل كبير جدا وسنقول للقائمين على الوزارة استمروا في عملكم ومناصبكم فانتم اهلا لها في هذه الظروف التي لا يقل جهدكم عن جهد المجاهدين في الجبهات وبورك فيكم .

- على المجلس السياسي الأعلى أن يضع حدا لما يحصل من مهازل وتلاعب بالمنح ولامبالاة لا مثيل لها من قبل القائمين على المنظمات في الحكومة كي لا يمضي علينا 2018م كما مضى 2017م دون أدنى فائدة، فاتقوا الله في مسئوليتكم وفي من تحملتم على عاتقكم هذه مسئوليتهم، والله من وراء القصد.