"إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسرٍ" لمن الاستثناء الحصري من هذه الخسارة ؟

{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}، هذا الاستثناء- كما قلنا- يفيد أنَّ أكثر الناس هم من الخاسرين، هذه الخسارة الرهيبة جدًّا المؤكدة الحتمية التي أقسم الله عليها، قد تكون أنت واحداً منهم، قد تكون أنت بغفلتك، وعدم التفاتك إلى هذا المقياس، وعدم تحققك من أنَّ هذا المقياس وهذا المعيار يتوفر في واقعك أنت، فقد تكون من هؤلاء الخاسرين، قد تكون أنت هذا الإنسان الخاسر.
عندما نتأمل في هذا الاستثناء القرآني، فهو يؤكِّد لنا أنه لا نجاة من هذه الخسارة إلَّا وفق هذه الطريقة التي رسمها الله -سبحانه وتعالى-، فهو استثناءٌ حصريٌ، يعني: يحصر لنا هذه الطريق للنجاة من هذه الخسارة الحتمية، يعني: ليس هناك أي طريق آخر، ومجموع هذه العناصر المهمة والأساسية للنجاة: الإيمان، العمل الصالح، التواصي بالحق، التواصي بالصبر، متلازمة، هذه العناصر الأربعة هي متلازمة، مجموعها وبكلها ومن دون أي تجزئة ولا تفريق لا بدَّ منه لكي تنجو من هذه الخسارة، لو أراد الإنسان أن يجزئ، ويقول: [أنا لا أريد مجموع هذه العناصر الأربعة، وإنما سأكتفي بواحدٍ منها]، فهو لا يستطيع، لا يمكن ذلك، لا يتأتى ذلك، لا يتحقق ذلك، لا بدَّ من المجموع وهي مترابطة، هي فيما بينها مترابطة، فهذا الاستثناء الحصري يؤكد لنا أنَّ علينا أن نتجه هذا الاتجاه، وفق هذه الطريقة، وألَّا نمني أنفسنا بأشياء أخرى، أو آمال أخرى، أو أماني أخرى للنجاة من هذه الخسارة الرهيبة.
ولاحظوا هذا أمر رهيب وأمر مخيب: موضوع الخسارة الحتمية للإنسان، الله -سبحانه وتعالى- هو ربنا الرحيم العظيم الكريم، وهو يريد للإنسان النجاة والفوز والفلاح والخير، وهو يريد للإنسان السعادة، ويدعو الإنسان إلى ما يحقق له ذلك؛ لأن الإنسان في هذه الحياة في موقع المسؤولية والاختبار عليه التزامات عملية، وأمورها كلها ترتبط بأعمال يفعلها، بمواقف، بطريق يتحرك فيها، جانب عملي، فالله يريد لنا الخير، وينعم علينا بالنعم العظيمة، ويخوِّلنا ما يساعدنا على تحقيق هذه النتائج الكبيرة، بل إنه -سبحانه وتعالى- يدخل معنا في صفقات عظيمة جدًّا، يقول لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الصف: الآية10]، هو يقدِّم عروضاً مغريةً جدًّا، ومربحةً جدًّا، ويترتب عليها النتائج العظيمة جدًّا، تحقق لنا الخير في الدنيا والآخرة، يتحقق لنا بها النتائج والأرباح والمكاسب العظيمة والمهمة، المهمة لنا في حياتنا، المهمة بكل اعتبار، يعدنا بالنصر، يعدنا بالعزة، يعدنا بالكرامة، إن استجبنا له إلى ما أرشدنا إليه بما يحقق لنا هذه الأشياء، وهذه أشياء نحتاجها في هذه الحياة لكي نكون أعزاء؛ حتى لا نظلم، حتى لا نقهر، حتى لا نذل، حتى لا نستعبد، حتى لا نضطهد، يعدنا -جلَّ شأنه- بما يحقق لنا في هذه الحياة الخير، والسعادة، والحياة الطيبة، إن نحن استجبنا له؛ لأنه يرشدنا إلى أشياء عملية، التزامات عملية، يرشدنا إلى ما نعمل، وينبهنا ويحذرنا مما ينبغي أن نتركه وأن نحذر منه، فهذه العروض من الله هي عروض للربح، للفوز، للفلاح، {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، لما يقينا من كثيرٍ من الشرور، لما يدفع عنا الكثير من الأخطار، لما يحقق لنا الفوز العظيم الذي منتهاه رضا الله والجنة، فوزٌ عظيم بكل ما تعنيه الكلمة، حياة سعيدة للأبد، حياة يعيش فيها الإنسان في أرقى نعيم.
هذه العروض يقدمها الله -سبحانه وتعالى-، لكن المشكلة تكون عند الإنسان عندما لا يقبل، لا يقبل وقد عُرض عليه ما فيه فوزه، ما فيه فلاحه، تعرض عليه التجارة الرابحة المضمونة الربح، عندما يقول: {هَلْ أَدُلُّكُمْ}، الله -جلَّ شأنه- يخاطبنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، مكاسبها عظيمة ومؤكدة وهائلة، أولها: النجاة من عذاب الله، {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ}[الصف: 11-12].
لو يعرض على الإنسان في هذه الحياة عمل معين في مقابل أن يحصل على منزل، أن يحصل على بساتين ومزارع، أن يحصل على متطلبات حياته، أن يحصل على عروض مغرية، ماذا يفعل الكثير من الناس؟ يتجه في أي موقف باطل في مقابل شيء بسيط يحصل عليه، وقد يخسره، فهذه الخسارة الرهيبة جدًّا لا نجاة منها إلَّا بهذا الطريق، وفق هذه الطريق التي رسمها الله -سبحانه وتعالى-.
{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}، الإيمان بمفهومه القرآني، الإيمان الذي يبعث على العمل، الإيمان الذي فيه خوفٌ من الله -سبحانه وتعالى-، تخاف من عذاب الله فوق كل شيء، تخشى الله فوق خشيتك من الناس، خوفٌ من عذاب الله يحررك من كل مخاوفك الأخرى التي قد تقعدك عن العمل في سبيل الله، وعن العمل فيما هو طاعةٌ لله، التي قد تقعدك عن موقف الحق، خوف من عذاب الله يرتقي بك ويمثِّل دافعاً لك فيزيح من أمامك كل تلك العوائق التي تتمثل في الخوف من أشياء أخرى: خوف من الناس، خوف على مصالح معينة من الناس، مخاوف مما بأيدي الناس، إيمانٌ فيه حبٌ لله -سبحانه وتعالى-، حبٌ لله يصل في مستواه فوق محبتك لأي شيءٍ آخر، فتحب الله أكثر وأعظم وأكبر من محبتك لأي شيءٍ آخر في هذه الحياة، يحررك من ضغط ما تحبه؛ حتى لا تؤثره على طاعة الله -سبحانه وتعالى-، على ما فيه رضا الله -سبحانه وتعالى-، إيمانٌ ترجو فيه الله -سبحانه وتعالى-، فيه رجاء، ترجو الله -جلَّ شأنه-، ترغب فيما وعد به، تطمع فيما عنده من الخير والفضل، إيمانٌ تثق فيه بالله، إيمانٌ تبتني عليه الثقة بالله -سبحانه وتعالى-، تثق به، تثق بهديه، تثق بكلامه، تثق بوعده، تثق بوعيده، إيمانٌ بالله، وإيمانٌ بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، هذا الإيمان الذي يبعثك على العمل، يدفعك إلى العمل، لا يمكن أن يكون هناك إيمانٌ صادقٌ، وإيمانٌ وفق المفهوم القرآني وهو إيمان يجمدك، يجعلك متخاذلاً مهملاً، لا تمتلك الدافع للعمل، متكاسلاً، أو في حالة تكون فيها مكبلاً عن كثير من الأعمال؛ لأنك تخاف الناس أكثر مما تخشى عذاب الله، أو لديك حسابات في هذه الحياة من منطلقات أخرى، بسبب محافظتك على ما تحب في مقابل أن تخسر رضا الله ومحبة الله -سبحانه وتعالى-، أو في أطماعك وآمالك التي اتجهت بك بعيداً عمَّا عند الله من الخير العظيم والفضل العظيم والفضل الواسع.
المحاضرة الرمضانية العاشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي

ارتفاع الأصوات الأممية والدولية لإنقاذ غزة من الموت جوعاً
خاص| 31 مايو | محمد الكامل| المسيرة نت: يواصل جيش العدوّ الصهيوني سياسة التطهير العرقي الممنهج ضد الشعب الفلسطيني، حيثُ نفذ سلسلة من جرائم الهدم والاقتحامات لمنازل المواطنين، تزامنًا مع ارتكاب مجازر مروعة وجرائم حرب بحق المدنيين والنازحين في مختلف مناطق القطاع المحاصر.
برشلونة الإسبانية تعلن قطع علاقاتها مع كيان العدو تضامنًا مع فلسطين
متابعات | 31 مايو | المسيرة نت: أعلنت مدينة برشلونة الإسبانية، قطع علاقاتها بالكيان الصهيوني وتعليق اتفاق الصداقة، في حين ثمنت حركة حماس القرار وحثت دول العالم على تفعيل مقاطعة "إسرائيل" وعزلها ومحاسبتها على مجازرها وجريمة تجويع فلسطينيي غزة.
وزير الدفاع الأمريكي: نهج ترامب العسكري يعتمد على التجارة والحفاظ على النفوذ
متابعات | 31 مايو | المسيرة نت: أعلن وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، أن استراتيجية الرئيس دونالد ترامب تستند إلى فهم عميق للقدرة العسكرية، حيثُ يفضل الانخراط بناءً على التجارة والسيادة بدلاً من اللجوء إلى الحروب.-
16:00وزارة الصحة بغزة: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 54,381 شهيدا و124,054 جريحا منذ بدء العدوان على غزة
-
15:59وزارة الصحة بغزة: الإحصائية لا تشمل مستشفيات محافظة شمال قطاع غزة لصعوبة الوصول إليها
-
15:59وزارة الصحة بغزة: 60 شهيدا و284 جريحا وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعة الماضية
-
15:28مصادر فلسطينية: غارة للعدو تستهدف منزلًا في منطقة الزرقا بحي التفاح شمال شرقي مدينة غزة
-
15:28مصادر فلسطينية: جيش الاحتلال ينسف مباني سكنية في بلدة القرارة شمال مدينة خان يونس
-
15:28مصادر فلسطينية: شهيد ومصابون في قصف صهيوني استهدف مجموعة مواطنين بدير البلح وسط قطاع غزة